جمال علي حسن

حكومة ومعارضة.. معاً ضد المواطن


[JUSTIFY]
حكومة ومعارضة.. معاً ضد المواطن

أرسل لي أحدهم رسالة إلكترونية يعاتبني فيها على تحذيري ونصحي للحكومة بعدم الاستماع لنصائح بعض الاقتصاديين الذين يطالبون برفع الدعم كلياً عن الخبز..

الرجل قال لي.. لماذا تنصح الحكومة..؟ دعها تتورط وتسقط.. وطبعاً هي طريقة غريبة وسخيفة في ممارسة المعارضة حين تراهن على نظرية (المثير والاستجابة).. ويكون الثمن روح المواطن أو راحته.

وحين تمارس نشاطها بمنهج يقول: لو وجدتم الحكومة قد رمت بالشعب في النار، فعليكم أن تزيدوه حطباً حتى يثور ويسقطها..!

وبهذا تكون معاناة المواطن.. من بشارات الخير لمعارضة فاشلة في أن تقود الشارع بأجندتها وبمهاراتها وبمنهجها وليس بنظرية (المثير والاستجابة) كطريق قصير لإشعال الثورة في السودان بعد التجويع والتخويف.. أو فشل الحكومة في توفير الخدمات وفشلها في حلحلة قضايا المواطنين..

وكثيراً ما أفاجأ بتعليق على خبر فاجع، مثل أن ينعدم الدواء في الصيدليات، أو أن ينعدم الخبز في الأسواق، أو يتضاعف سعر السكر أو أي خبر من النوع الذي يمس (العضم) تجد. ويا سبحان الله تعليقات استبشار.. تردد بابتسام وانتشاء (جماعتك خلاص انتهوا).. و(دي ما بمرقوا منها).. والغريب أن حكومتنا الميمونة ظلت بحسب جلدها (التخين) وأرواحها (السبعة).. لا هي تتعلم من التجارب ولا تسقط وتريحهم..

وأكبر مشكلات المعارضة مع الصحافة السودانية ليست في كونها صحافة تدافع عن النظام، بل وعلى العكس تماماً المشكلة الكبيرة في كون الصحافة السودانية وبرغم ما تواجهه من صعاب، لكنها وفي الكثير من الأحيان تنجح في منع النظام الحاكم من ارتكاب الكثير من الأخطاء القاتلة والفادحة التي لو تم تنفيذها ربما تعجل بنهاية عمره، لكن الصحافة تفعل ذلك ليس حرصاً على النظام، بل حمايةً للمواطن..

والحق أن الإنقاذ نظامها نظام عنيد لم يكن يستمع أو يتقبل للنصح أو يرى فيه ما تراه معارضة (المثير والاستجابة) من خدمة له، فتدفع الصحافة الثمن..

بعض القرارات تتبناها الحكومة بنوع من الإصرار الغريب وعدم الاستماع لأية نصيحة أو تحذير، ثم تعود وتكتشف لاحقاً أن ما كانت تطالبها به الصحافة هو الموقف الصحيح.. وأقرب شاهد على ذلك، رفع الدعم عن الوقود العام الماضي، والذي تسبب في موجة عارمة من الغضب الشعبي غير المسبوق خلال العقدين الماضيين، ولا تزال الحكومة تدفع كلفتها وكلفة قرارها السياسي..!

أقول: لو كانت الحكومة تحمّل المواطن عبء أخطائها وفشلها، فإن المعارضة التي تفرح بوجع المواطن تتحمل مسؤولية مضاعفة أكبر من مسؤولية فشل الحكومة، وذلك بسبب سلبيتها المتعمدة واعتمادها لهذا الأسلوب.. أسلوب زيادة النار حطباً..

لا نزال نبحث عن المعارضة المبدئية التي تتدخل لحماية المواطن وإنقاذه وإسعافه وتعرف متى تضع يدها بيد الحكومة لتحقيق مصلحة عاجلة للمواطن.. أبحث عن هذا النوع من المعارضة والذي لا أكاد أجد نموذجاً له إطلاقاً، وكل الذي نجده في المبادرات الشبابية في المجتمع نجده دائماً بلا عنوان سياسي، مثل (مبادرة نفير) التي لعبت دوراً مهماً في تخفيف آثار وأضرار موسم الأمطار العام الماضي..

لم أجد تنظيماً أو حزباً سياسياً واحدا ً يتعامل بوعي وطني مثالي، ويتجرد أو يتنازل عن تحقيق نقطة إيجابية له في مشروع المعارضة مقابل نقطتين إيجابيتين، إحداهما مقصودة ومستهدفة لمصلحة المواطن، والثانية تأتي تلقائياً.. وتبعاً للنقطة الأولى لتفيد الحكومة وتصب في مصلحتها اضطراراً..

[/JUSTIFY] جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي