صواريخ الأنوفليس
:: لو لم يمت فرعون غرقاً، ربما لمات بالملاريا أو بالبلهارسيا أو بفيروس الكبد الوبائي .. نعم، منذ عهد فرعون و إلي يوم السيسي هذا، كما إشتهرت الشقيقة مصر بالأزهر والأدب والفنون والرقص والطرب، إشتهرت بتلك الأمراض أيضاً.. وليس في الأمر عجب، إذ هي – كما السودان – إحدى دول العالم الثالث والأخير التي ينقصها الكثير لتكافح تلك الأمراض وغيرها.. ومع ذلك، منذ الأسبوع الفائت، بعد عجزهم عن مكافحة أسباب إنتشار الملاريا بقرى محافظة أسوان، تقول وزارة الصحة المصرية وصحافة مصر بكل براءة : ( إنتقل الملاريا إلى أسوان وإنتشر في قراهاعن طريق عدد من السودانيين حضروا للعمل بالمناجم)، أو هكذا الخطاب المراد به تخدير العقول هناك ..!!
:: والمُضحك للغاية هو تطرف بعض صحافة مصر في طرح هذا الخطاب الساذج لحد عكس إنتشار الملاريا بقرى أسوان باعتباره مؤامرة سودانية تستهدف الأمن القومي المصري..وكما تعلمون، فالمواطن المصري دائما على (دين صحافته)، أي قد يُصدق بأن السودان – فعلاً – قد بدأ الهجوم على مصر وشعبها بواسطة (صواريخ أنثى الأنوفليس) .. نعم، فالملاريا ليست من الأمراض معدية – كما الأنفلونزا – بحيث تنتقل و تنتشر مباشرة بلا ناقل ، بل لجراثيم الملاريا المستوطنة في كل مستنقعات إفريقيا وبركها الآسنة ( ناقل معروف)، وهي تلك الأنثى .. وكان الأجدى لوزارة صحة مصر – وصحافة مصر – توضيح أسباب إنتشار الملاريا لأهل أسوان، وكذلك شرح وسائل مكافحة تلك الأسباب بدلا عن تغييب وعيهم وخداع عقولهم بمثل هذا ( الخطاب الساذج)..!!
:: وللأسف، صحافة مصر لاتخاطب شعب مصر بهذا الخطاب الساذج عن (جهل أو غفلة)، بل تخاطب به مع سبق الإصرار والترصد وعن معرفة كاملة بآثار الخطاب والرسالة المخبوءة فيه، أي خطاب مراد به تعبئة الرأي العام المصري ضد السودان وحكومته.. وهكذا لسان حال صحافة مصر منذ شروع إثيوبيا في بناء ( سد النهضة)، ومنذ إعلان حكومة السودان عن موقفها الحيادي، ومنذ إعلان الرأي العام السوداني عن موقفه المؤيد لمشروع (سد النهضة)..نعم، هم يريدون شعباً سودانياً تابعاً للمصالح المصرية مدى الحياة، وتزعجهم إنتباهة شعبنا الأخيرة لمصالحه، ولذلك يثيرون في صحافتهم بين الحين والآخر صخباً ساذجا من شاكلة ( الملاريا جاتنا من السودان).. !!
:: وبالمناسبة، لو تمسك السودان بادراج بند فحص فيروس الكبد الويائي فيها، لما تم التوقيع على اتفاقية (الحريات الأربعة).. ولكن، كما تتجاوز مصالح شعبها لصالح مصالح مصر، تتجاوز حكومات السودان أيضا وقاية شعبها من (داء الكبد الوبائي)..ومع ذلك، لا نجد من صحافة مصر وفضائياتها على حسن طباعنا ( جزاءً ولا شكوراً)، بل نتلقى ( الشتم والإساءة )..صحافة وفضائيات ساذجة بحيث لاتعرف سياستها التحريرية خطوط الطول والعرض الفاصلة ما بين مصالح الشعوب و سياسات حكوماتها، ولا ما بين الأوطان و حكوماتها، وبهذا الإختزال الغريب للأشياء تسئ للسودان وشعبه بمظان نقد حكومة السودان.. ومع ذلك، حكومة المستهدفة بنقدهم هي التي تكبل أقلام صحفنا و برامج فضائيتنا حين تتأهب للرد على مزاعم تهديد أمن مصر بصواريخ أنثى الأنوفليس وغيرها من ترهات صحافة لا تعي (ما تقول ).!!
[/JUSTIFY]
الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]