الطاهر ساتي

تعديل وزاري ..!!

[ALIGN=CENTER]تعديل وزاري ..!! [/ALIGN] ** فاروق حسني ، وزير الثقافة المصري ، لا ينقص عمره الوزاري في وزارته عن ربع قرن إلا بمقدار عامين تقريبا ..ولهذا سألت زميلا مصريا قبل كذا سنة عن سر تمسك حكومته به ، فأجاب : فاروق يتميز بصفتين ، إحداها مكافحته لكل أوجه الفساد التي تظهر في وزارته ومؤسساتها أولا بأول ، بلا محاباة أو محسوبية ، بحيث بلغت قمتها عندما دخل سكرتيره الخاص السجن في قضية فساد لم يحمها الوزير ، ثم بعض كبار وزارته الذين طالتهم تهمة الرشوة وجدوا أنفسهم أمام المحكمة ولم يدافع عنهم الوزير بتغطية فسادهم .. والصفة الأخرى : لا يخدع الناس والحكومة في تقاريره السنوية بأحلام وردية أو تبريرات واهية كما يفعل السواد الأعظم من الوزراء ، بحيث يقدم في خطة العام مشاريع ثقافية محددة ويطلب لها ميزانية محددة ومغلفة بدراسة علمية محكمة ، وفي نهاية العام يعرض للناس والحكومة تلك المشاريع على أرض الواقع ..هكذا كل عام : يكافح الفساد بلا تحفظ أو مجاملة ثم يخطط لما يمكن تنفيذه وينفذه ، ولهذا غير متهم من قبل الرأي العام بالفساد ولا من قبل الحكومة بالتقصير في آداء الواجب ، هذا سر البقاء والاستمرارية لربع قرن إلا نيفا ..هكذا أجاب الزميل بصدر رحب على سؤالي التطفلي والذي يسمى بالعامية ..« شلاقة » ..!!
** ليلة الخميس الفائت تذكرت سؤالي وإجابة الزميل ، وتلفاز البلد كان يعلن للناس في بلدي عن تعديل وزاري أو كما نسميه إعلاميا وشعبيا بتشكيل وزاري جديد ، ووصف مثل هذا الحدث بالجديد يعد من الأخطاء الشائعة ..المهم ، أمام التلفاز والمذيع يكشف عن ملامح التعديل الوزاري ، تذكرت السؤال والإجابة ، وبعد غض طرف الذاكرة عن الإجابة أعدت السؤال على نفسي بعد سودنته بصياغة أخرى حتى لايصبح طرحه أمرا تطفليا – أو شلاقة – فسألت : لماذا أصبح الدكتور المتعافي وزيرا للزراعة بعد أن كان واليا للخرطوم ..؟..طبعا هناك سبب غادر به الولاية ، وكذلك هناك سبب دخل به الوزارة .. أيضا : لماذا صار البروف الزبير واليا للجزيرة بعد أن كان وزيرا للزراعة ..؟.. و لماذا غادر الأستاذ أبو كلابيش الثروة الحيوانية إلي شمال كردفان ..؟..ولماذا .. ولماذا .. وهكذا ، كما المجنون حاصرت التلفاز بسيل من الأسئلة ..باحثا عن : المعايير فقط لا غير .. نعم معايير الذهاب والإياب ..أو قل : معايير التنقل ..خاصة أن بعضهم – أو في الحقيقة كلهم – يتنقلون منذ عشرين عاما من و إلي الوزارة أو الولاية ..حتما توجد معايير لهذا الحراك المستمر كما هناك معايير لبقاء فاروق حسنى بلا أى حراك .. لكن « المعايير شنو ؟» .. الله أعلم ، ثم الحكومة ..!!
** على كل حال ، لا بأس أن يحدث بين الحين والآخر تعديل وزاري ، ومثل هذا يخفف على أمزجة الناس بعض وطأة الملل ، فنحن شعب ملول جدا ، ويحب التغيير والتبديل و لو كان جزئيا ، ولا أحسب أن أهل الثقافة في بلدى كانوا سيصبرون على وضع كذاك الذي فيه أهل الثقافة بمصر ، حتى لو شيد لهم وزيرهم في كل قرية مسرحا وناديا لما أحتملوه وزيرا عليهم عشرين عاما..وعملا بأحكام المزاج السوداني يجب أن نقابل أى تعديل وزاري بالإرتياح والتفاؤل ، ولكن دون تناسي البحث والسؤال عن المعايير والتي حتما ستظهر لاحقا في آدائهم ..نعم لاحقا ..وعليه ليس من العدل إبداء أى نوع من التشاؤم تجاه هذا التعديل ، وكذلك ليس من العدل أن تخرج صحف الغد باعلانات من شاكلة : مبروك للسيد فلان الفلاني هذا المنصب الوزارى أو الولائي الجديد الذي صادف أهله .. مثل هذا الإعلان يجب أن يصدر في نهاية عهد السيد فلان الفلاني في وزارته أو ولايته ، بحيث يكون السيد فلان قدم للناس والحياة عملا ملموسا يعكس إن كان ذاك المنصب يومئذ صادف أهله حقا أو سيادته ناله بالصدفة .. ونسأل الله أن يوفق كل ساع لخير الناس والبلد .. راعيا كان أو مواطنا ..!!
إليكم – الصحافة السبت 09/05/2009 .العدد 5699