من الذي قال إن «الفرجة بلاش»؟
نعم.. نحن نتداول تلك العبارة «الفرجة بلاش» عندما نجد أنفسنا مقحمين في مشاهدة ومتابعة أحداث وحوادث اجتماعية أو سياسية خرجت إلى العلن وأصبحت في الشارع العام، أو حتى على نطاق الحي أو الأسر الممتدة، يكون حق المرء فيها «الفرجة» المجانية، ولا يحق له التدخل فيها.
أما «الفرجة» التي نعنيها هنا، فهي «مشاهدة» التلفزيون، فقد وجد صاحبكم نفسه مشاهداً لعدد من القنوات التلفزيونية السودانية خلال الأيام الماضية، وذلك لساعات طويلة خلال حبسي الإجباري داخل «معتقل» صديقنا العزيز مستر علاء الدين يس «الصحي» في مستشفى حاج الصافي، ثم انتقالي من هناك إلى المنزل مجبراً بـ «الراحة» لمدة يومين مع تعليمات صحية أخرى من أخي وصديقي الدكتور معز حسن بخيت، وقد حاول صاحبكم أن يكون مطيعاً فـ «صاقر» شاشة التلفزيون، ونأى بنفسه عن كثير من القنوات العربية، إلا الإخبارية، وابتعد تماماً عن قنوات «الردح السياسي» التي لا تبث إلا الهرج والمرج والمغالطات، وأكثرها ينشغل بـ «الفارغة» ذات انشغاله بـ «المقدودة».
أشهد لتلفزيون السودان بتطور كبير في «شكل» الشاشة، فقد عاد إليه الألق باللون الأزرق في شريط الأخبار المتحرك، بدلاً عن اللون الأخضر، الذي لا أحسب أن قناة واحدة تستخدمه، إلا قناة تلفزيون روسيا اليوم، مع الفارق في درجة اللون.
ولا بد من الإشارة إلى الجدّة والتناول في كثير من البرامج التي تخاطب الشباب، إذ أن كثيراً من تلك البرامج غاب لفترات طويلة عن الشاشة الرسمية فانصرف الشباب إلى غيرها، ولم يبقَ ممن هم فوق مرحلة الشباب إلا متابعو الأخبار، إذ ظل التلفزيون يعيد ويستعيد الماضي بكثرة من خلال ضيوفه المحترمين، وقد تراجع الماضي الآن لصالح المستقبل بما يدعو إلى الإشادة بذلك، مع ربطها بإشادة أخرى نستهدف بها الخارطة البرامجية، التي راعت اهتمام الشرائح والفئات المختلفة مع الاهتمام بالدراما السودانية.
أما تلفزيون الشروق فنجاحه يحدث عن نفسه وكذلك قنوات النيل الأزرق وأم درمان والخرطوم التي لا تحتاج إلى كوادر قدر حاجتها للمال، ومثل تلك القنوات قناة طيبة ذات الأثر الديني والقيمي الكبير والتي تعمل لنبذ التطرف وبسط الوسطية، جزى الله القائمين بأمرها كل خير.
«الفرجة» إذن ليست بـ «بلاش» فهي تجهدك وتجهد من كان مثلنا في تقييم الأعمال المشاهدة، وكذلك أول مداخل «النقد» كما نرى، و«النقد» قطعاً ليس هو قطع المال أو أوراقه التي يلهث خلفها الجميع، بل هو قراءة ما وراء المشهد وتقييمه وتحليله حتى ولو على المستوى الشخصي، لتتبنى رأياً مثل هذا أو عكسه.. فالصحفي مثل «الزمار» يموت وأصبعه يلعب.
بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]