جمال علي حسن

“لا تشغلونا بالفارغة”.. متى تغادرون حلايب


[JUSTIFY]
“لا تشغلونا بالفارغة”.. متى تغادرون حلايب

زوبعة وباء الملاريا التي تثيرها السلطات المصرية في ميناء أسوان وتقوم بفحص كل القادمين على الخط النهري والطريقة المستفزة التي تحدث بها محافظ أسوان عن وجود السودانيين والتي لم أتأكد من صحة معلوماتها لفظاً لكن لا يهم كثيراً فهي (تشبه لسانهم) متناً ولغةً..
المهم أن قضية الملاريا الحدودية بين مصر والسودان قضية قديمة منذ بناء السد العالي ووجود بحيرة ناصر التي توالد فيها نوع خطير من أنواع البعوض وتم الاتفاق منذ السبعينيات على صيغة مشتركة لمكافحته وهو اتفاق قديم ومصر تتحمل معظم نفقات المكافحة الدورية لأن بيئة توالد هذا البعوض أوجدتها بحيرة ناصر وآثار السد العالي نفسه.. ومصر هي المستفيدة من السد والمتضررة من بعوضة السد.. يعني هذه الملاريا القاتلة تخصكم أنتم يا (فندم)..
لكم ملاريتكم ولنا ملاريتنا.. فملاريا بحيرة ناصر الحدودية تسببها بعوضة (الجامبيا) القاتلة، أما ملارياتنا الداخلية هنا في السودان والتي صارت نسبتها تتناقص كثيراً في السنوات الماضية؛ نكافحها أولا نكافحها فإن هذا أمر يعنينا نحن ولن يضركم كثيراً في الوقت الذي ظللنا نتضرر فيه منكم منذ سنوات بسبب وجود عدد مقدر من العمالة المصرية الوافدة إلى السودان مصابة بالالتهاب الكبدى الفيروسي سي (HCV).
مطعم مصري شهير ومعروف في وسط الخرطوم كانت السلطات قد وجدت فيه أكثر من خمسة من العاملين المصريين حاملين لهذا الفيروس قبل سنوات واكتفت السلطات الصحية السودانية حينها بإجراءات صحية لم تتجاوز حدود إيقافهم عن العمل، بل لم تقم حتى بنشر هذا الموضوع في الصحف ولكم أن تتخيلوا بعض (مشاطات) الإعلام المصري (بقلة أدبهم) المعروفة ماذا كانوا سيفعلون لو كانت هذه الحادثة وقعت في القاهرة وكان المطعم سودانياً وكان العاملون سودانيين.. لكم أن تتخيلوا كيف كانوا سيتعاملون مع هذا الموضوع..
نفتخر بأننا شعب محترم يحترم نفسه وله القدرة الكبيرة على الصبر وتجاوز التفاهات والصغائر ترفعاً وتحضراً وليس انكساراً وضعفاً..
نطالب السلطات الصحية السودانية بإدخال كل ركاب الطائرات القادمة من القاهرة من حملة الجنسية المصرية إلى غرفة فحص طبي متشدد لا مجاملة فيه للتأكد من خلوهم من فيروس الإلتهاب الكبدي (HCV).
نطالب سلطاتنا الصحية في السودان باتخاذ إجراءات مماثلة بمطار الخرطوم أو إجراءات أكبر من تلك التي تتخذها السلطات المصرية هذه الأيام بشكل متشدد جداً لكل السودانيين المسافرين عبر الخط النهري إلى أسوان..
منذ تفتح وعينا وجدنا كل المسافرين من الخرطوم إلى القاهرة تطالبهم السلطات بكرت الحمى الصفراء.. هل سمعتم بمرض بهذا الاسم في السودان..؟.. إنها حكاية قديمة جداً قبل ما يقارب المائة عام كانت فيها الحمى الصفراء منتشرة في السودان لكنها الآن انتهت وبرغم ذلك يطالبون القادمين من الخرطوم بهذا الكرت، بل كثيراً ما يطلب منك موظف تقابله على مخرج مطار القاهرة وأنت قادم إليها يعطيك قرصاً لمضاد حيوي ويطلب منك بشكل ودي وظريف تناوله وقد حدث هذا لي شخصياً أكثر من مرة وهو طلب غريب، يقدم لك أحدهم قرص (كبسولات) بدون مناسبة وهو يبتسم..!
نقول للسلطات المصرية افحصوا من شئتم من المسافرين والقادمين.. ونحن أيضاً سنفحص وبالمثل لكن لا تحاولوا أن تشغلونا بقضايا انصرافية.. فلدينا القضية الأهم من كل هذا والتي لا تنازل عنها إطلاقاً وهي أرض السودان التي استوليتم عليها..
ولا نزال حتى الآن نقول لكم وبصبر محدود: اسحبوا جيشكم المحتل من حلايب وشلاتين بالتي هي أحسن.

[/JUSTIFY] جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي