عبد الجليل سليمان

تلجين


[JUSTIFY]
تلجين

يقول لسان العرب: “ولَجِينٌ هو كلُّ ما حِيسَ في الماء، واللجنة هي الشيءُ إذ تَلزَّجَ وتلجَّنَ رأْسُه، وتلجَّنَ ورقُ السِّدْرِ إِذا دُقّ”. وقال الشاعر الشمّاخ: “وماءٍ قد ورَدْتُ لوَصْلِ أَرْوَى عليه الطَّيْرُ كالوَرَقِ اللَّجينِ”.

أما بعد: فالمعني الاستعاري المُستخدم في الخدمة العامة لـ (لجنة) يقول إنها “جَمَاعَة يُوكَل إِلَيْهَا دِرَاسَة أَمْر أَوْ إِنْجَاز عَمَل committee”.

يبدو أن لجان هذا البلد، خاصة المتصلة بالتحقيق في أي قضية، قد حِيستْ في الماء حتى ابتل رأسها، ثم لطخت ورق السِّدْرِ المدقوق عليه ونامت، لذا شاع أنه إذا أردت أن (تقتل) موضوعاً ما فكوِّن له لجنة، ويقولون أيضاً إن (فلان مُلجن)، إذ مرض مرضاً لا شفاء منه، أو تعرض لحادث فأقعد به، أو أحيل إلى التقاعد.

وتأخذ كل اللجان التي تُنشأ هنا، كل معاني كلمة (لجنة) باشتقاقاتها، عدا المعنى الوارد في بيت شعر الشمّاخ وذاك المُستخدم في الخدمةِ العامة، فهل رأيتم أيها السادة (المواطنين) لجنة سودانية صرفة استطاعت أن ترد ماءً لوصل أروى، شخصياً لم أشهد مثلها، لكن ربما تفعل ذلك لجنة مفترضة قد يشكلها السيد (جودة الله) لإنجاز مهمة تصدير ماء النيل إلى (نجران).

دعوا عنكم لجان التحقيق التي كونت للنظر في كثير من الأحداث الجسام، وملفات الفساد فكلها حيست في الماء والشعب المتضرر (شرب مويتها) رغم أنه لم يبلها.

ومما ورد لهذه الزاوية من ماء لوصل أروى أن أصحاب (المغالق) ربما لو استمرت ارتفاع أسعار الأسمنت سيغلقون، وارتفاع أسعار الأسمنت قصته غريبة جداً، سبع مصانع و(مستورد)، والأسمنت محتكر بواسطة (من لا أدري؟)، لكنه الحكومة تدري، وإذا كانت لا تدري فإنها مُصيبة كبرى، لكننا سنخفف منها ونطلب من (الجهات كلها) أن تستطلع الناس في الشوارع والمغالق والأسواق عن المسؤولين عن تلك (الكارثة)، فسيقولون بثقة وثبات إنهم (فلان وأبناء فلان)، لكن المصيبة الأكبر أن الحكومة بعد أن تعرف ستشكل لجنة تحقيق، ثم كل الأسمنت (المحلي والمستورد) سيُحاس الماء، كما حِيست كل القضايا التي سلفت.

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي