وقوفاً على باب “الخضر”
وللشعر من مصائبنا نصيب، وها نحن نأتي من ديوان الشعر الرائع للسعودية (آمال الرائع) والموسوم بـ (وقوفاً على بابِ عاد) بنجائب الحكمة، كي تسعفنا على ركوب (سنام) التصريحات الشاهق، أو النزول منه (لا فرق).
ووالي الخرطوم وأمصارها المستعين بالله (عبد الرحمن الخضر) لا يضاهى ولا يجارى ولا يشق له غبار ولا يعصر له زيت ولا يستل له نصل في ما يلي شغفه بالتصريحات، وكلنا نذكر ذاك التصريح (بتاع اللحام).
بغض النظر، عن التصريحات، فإنني (نفي التصريحات) صار ديدناً رسمياً ومنهجاً حكومياً (ممتعاً)، حتى أن المواطن العادي ما أن يسمع أو يقرأ تصريحاً صارخاً جارحاً، متينا ومكيناً لأحد المسؤولين حتى يُبدي نواجذه ضحكاً أو يعض شفته تذمراً، وهو يقول (على الطلاق بكره دي بنفيه).
ولعل تصريح (الخضر) المنفي من (الخضر) الذي مفاده أن “أي زول ما لقى شغل يجيني أنا مباشرة”، جعلني أذهب مباشرة إلى إلى (آمال بيومي) وأقف معها على باب عاد لعلني أجد عنده رزقاً (شعريا)، بينما من المتوقع أن يذهب اليوم كثيرون إلى (باب الخضر) لعلهم يجدون عنده (عملاً)، ولن يجدوا طالما هو نفى ما نسب إليه مستخدماً أشهر جملة نفي في تاريخ الخطاب السياسي السوداني (انتزع من سياقه).
وحتى لا انتزع (عمودي) من سياق (عاد) وأضعه في سياق ولاية الخرطوم، وبالتالي يذهب جهدي أدراج (الولاية) وكأنه (جباية) أحاول أن أوفق بينهما بأن أوفق رأسيهما في الحلال.
تقول (آمال بيومي)، من أول جمله تلتقي بها عيوننا / من رحم الموت أولد شمس تُسيّر نحو المغيب/ طلع بدا للحصاد/ مغروسة خطوتي في الفَناء/ من وإلى أين تنحدر الخطوات؟
وكل الذي يحدث الآن لا يعدو أن يكون كخطوات مغروسة في الفناء، وتلك هي (خطوات الفناء) التي ستجعل الخطوات تنحدر نحو المغيب، فليس ثمة تصريح مثبت، أو تصريح منفي، أو لا تصريح أصلاً، أو تصريح أُنتزع من سياقه، أو ثبت في سياق آخر (كما أثبت هذا الخاتم في إصبعي) مثلاً، ليس ثمة تصريح يكتسب نفاذاً يفضي إلى حلحلة مشكلات البلاد العصية، ولا البطالة تُحل بجملة أو كلمة، لقد انتهى عصر الخطابات المُلهمة، مات زمن تحريك مشاعر الشعوب بالكلمات وسوقها عبر (الحلاقيم والألسنة) إلى الجحيم، الآن الشعوب يحركها العمل، وتحركها المشروعات الحقيقة والإستراتيجيات المحكمة، وما عدا ذلك لا يعدو كونه وقوفاً على أطلال ثمود وعاد.
الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي