عبد اللطيف البوني

في انتظار الشيخ ابو علي


[JUSTIFY]
في انتظار الشيخ ابو علي

الأستاذ الإداري الكبير الاستاذ ابو كشوة – أمد الله في أيامه – كان معتادا أن يجمع أبناء الدفعات الأوائل التي بدأت بها حنتوب الثانوية في مزرعته في يوم شم النسيم من كل عام وبدعوة كريمة منه كنت ضيفا على إحداها فكان الحضور مهيبا من حيث المقام والتجربة كان أبرزهم الدكتور الترابي وبابكر علي التوم وطه صالح واعتذر محمد ابراهيم نقد في آخر لحظة لأنه سافر للقطينة لأداء واجب عزاء وكان يومها الترابي (طالع في الكفر) بتجديداته الفقهية كإمامة المرأة وطرح أفكار جديدة تتعلق بالبعث وأعراس الشهداء ومازلت أذكر من طرائف التعليقات أنه عندما قال إن البعث والثواب والعقاب ليس بما نتخيل في الدنيا كان التعليق والله ريحتنا ياحسن ولكنه عندما قال إنه لا توجد حور عين ونفس نسائكم سيكنّ معكم كان التعليق دا كلام شنو ياحسن (طبعا كلهم زملاء دراسة وانداد عمر )
ولما كانت تلك اول وآخر مرة التقي فيها بالترابي عن كثب قلت لأحدهم كلمة حسن مجردة كدا زي جديدة علينا فكان رده وإمعانا في إظهار الزمالة القديمة أن صاح يا ابوعلي أها تاني جديدك شنو؟ فالتفت اليه شيخ حسن مبتسما. أردت بهذه الرمية التوسل للقول بأنه قد بدا لي أن الترابي سكت هذه الايام (فوق راي) فقد كف عن المعارضة الصارخة واصبح قائدا لركب الحوار ولم يأبه للعقبات التي يمكن أن تلحق الحوار أمات طه كما ان الناس ضجوا مطالبين فتواه فيما يتعلق بأبرار وان شئت قل مريم المرتدة فلم ينبت ببنت شفة فكما يقولون السكوت في معرض الحاجة الى بيان بيان ولكن أغلب الظن أن الترابي لديه جديد يود تفجيره لذلك يحق لنا ان نستذكر مقولة نديده يا شيخ ابوعلي جديدك شنو؟
قبل خروجه من السلطة بدا لنا ان الترابي اخذ يراجع تجربة الاسلاميين في الحكم فقد اتضح له ان إحلال الضمير المؤمن للقوانين الضابطة لحركة الدولة لم ينجح فطفق يتحدث عن فساد البضع في المائة واتضح له ان الدين لم ينهِ عصبية الانتماءات الضيقة فأخذ ينادي بحقوق الأقاليم واتضح له أن الوصائية في الحكم أبعدت المشاركة فأخذ يطالب بالتصالح مع الأحزاب خارج السلطة خاصة الحركة الشعبية فدفع ثمن أفكاره تلك بإبعاده من السلطة ثم بعد الخروج الكبير أخذ يتكلم عن الحرية اللامحدودة ومدنية الدولة فالتقى بالحركة الشعبية ودخل دار الحزب الشيوعي الذي كان هو عراب حله في نوفمبر 1965.
المعروف عن الترابي أنه سياسي براغماتي لا يرهن نفسه لكثير مما يظنه الناس ثوابت كما أنه لا يتقيد بأي موقف مضى ولو كان قبل دقيقة وفي هذا يتفق معه من هذا الجيل الحالي البلدوزر مبارك الفاضل المهدي وهذه قصة اخرى فالترابي إذا توصل لرأي جديد او فكرة جديدة حول علاقة الدين بالدولة تهدم كل ما كان يقوله في العقود الماضية لن يتردد في البوح بها والدعوة اليها لا بل التأصيل لها فهو دوما (ود الليلة ) وليس (ود الامس) لذلك فإن إصراره على الحوار وصبره على مطباته وإن شئت دخوله في مسرحياته ينم على أن الرجل لديه أفكار مستوحاة من التجربة الاسلامية في السودان بصورة أخص وفي مصر ودول الربيع العربي بصورة مجملة فإن كان ذلك فما علينا إلا ان ننتظر جديد الشيخ ابو علي والذي نتكهن بأن يكون عن علاقة الدين بالدولة.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]