عبد اللطيف البوني

الزراعة تورث فقرا


[JUSTIFY]
الزراعة تورث فقرا

ما لا يحتاج إلى درس عصر ولا حتى لدرس صباح أن الزراعة في كل الدنيا وخاصة في دول العالم الثالث غير الصناعية انها اكبر مكافح للفقر فأي مجتمع زراعي ينتج على الاقل ما يكفيه شر الجوع والمسغبة ونحن في السودان في سنوات الجفاف بسبب عدم هطول الامطار او ندرتها نتعرض لموجات من المجاعات لاننا لن نتمكن من الزراعة فالزراعة عندنا دليل الخير الوفير والنماء وعدمها دليل على العوز والمحل ونحن نستعيذ دوما من المحل
لكننا عشنا وشفنا في سودان اليوم أن الزراعة قد اصبحت مدخلا من مداخل الفقر فبعض الذين امتهنوها هذا العام اصبحوا في عداد الفقراء ليس بسبب شح المياه وليس بسبب آفات اصابتها فعلى العكس تماما كان الإنبات غير مسبوق وكان الحصاد من ابدع ما يكون ولكن للاسف كان السوق ضاربا اي كسدت وتدنت قيمة الغلة فدخل بعضهم السجون لانه لم يف بما عليه من اموال اقترضها للتمويل وقطع بعضهم كساد سوقه في مصارينه وبات على الطوى .
بعيدا عن التجريد اضرب لكم مثلا بما حدث في الجزيرة في العروة الشتوية الحالية حيث توفرت المياه بسبب تعلية خزان الرصيرص وعزف معظم المزارعين عن زراعة القمح بسبب ارتفاع تكاليف الانتاج وواقعة التقاوي الفاسدة التي ظهرت في بداية الموسم الزراعي الحالي فاتجهوا لزراعة البصل والكسبرة والخضروات من بطيخ وعجور والذي منه والمعروف أن كبر المساحات المزروعة لدى المزارع الواحد (من فدانين إلى اربعة وما فوق) يجعله يلجأ للعمل المأجور لانه لا يستطيع أن يقوم بكل العمليات الفلاحية ونسبة لانه لا يوجد مال مدخر فمعظم المزارعين يلجأون للشراكة الذي يتمثل في أن يقوم المزارع بتحضير الارض ويقوم الشريك بكل العمليات الفلاحية وتكون المدخلات بينهما اي تخصم من العائد ثم تقتسم الارباح .
فأي مزارع زرع في العروة الشتوية سيكون معه شريك او شريكان وما فوق فكان الانبات كما ذكرنا من ابدع ما يكون وكانت حصاد الغلة فوق كل تصور ولكن بمجرد دخولها السوق (دقت الدلجة) فكانت الخسارة المبينة، وفي هذه الحالة سوف يحتسب المزارع خسارته اذا كانت من مدخراته او يدخل السجن اذا كان ممولا من البنك او مدينا لآخرين اذا اقترض منهم اما العامل الذي دخل الشراكة بعمل يده ستكون شهور الزراعة راحت شمار في مرقة واصبح خشمه ملح ملح واصبح في عداد الفقراء الذين يستحقون الزكاة بامتياز فلو انفق هذه الشهور في ضرب الطوب او ذهب للذهب او باع الماء في شوارع المدينة لكان خيرا له لانه ربما يجد من يقيم اوده وهكذا تكون الزراعة في هذا الموسم الشتوي الذي انصرم بدخول الخريف قد افقرت المزارع والعامل معه في الزراعة مع شيء من التفاوت بينهما.
في المجتمعات الزراعية الجد جد نجد هناك ثقافة التنظيم الزراعي اي تحديد المحصول بعد قراءة احتياجات السوق وهناك سبل وطرائق التخزين قصير المدى وطويل المدى وهناك التصنيع الزراعي فالزراعة عندهم لا تعرف البوار ولا الكساد ولكن في السودان ليس عندنا ولا اي واحد من هذه الاشياء (بالله نحن عندنا شنو ؟ ) وبرضو تقول لي السودان اكبر قطر زراعي في افريقيا ؟ الله لا كسبكم ومع كل هذا سوف نطوي حديثنا عن الموسم الزراعي المنقرض بهذا المقال وغدا إن شاء الله مع مقال متعلق بالموسم الزراعي الذي بدأ والكثيرين ما جايبين خبر .

[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]