جمال علي حسن

التقطوا مولود الحوار من قارعة الطريق

[JUSTIFY]
التقطوا مولود الحوار من قارعة الطريق

الأجواء الملوثة التي تحيط بالحوار الوطني الآن تطول مدتها وتتجاوز الحد المعقول.. ويجب على الحكومة أن تنتبه لخطورة استمرار هذا المناخ الملوث ويجب عليها أيضاً أن تنتبه لحقيقة مهمة هي أن تلك القوى السياسية التي آمنت بالحوار الوطني وتجاوبت معه كان موقفها هذا له ثمن كبير وبه تنازلات عن سقفها المعلن وهو إسقاط وتغيير النظام وليس الجلوس والتحاور معه.

ولم تكن تلك القوى المعارضة – الشعبي أو الأمة – لم تكن تلك القوى قبل موافقتها على الحوار تتحدث فقط عن قضايا سياسية لها مع حكومة الإنقاذ، بل كانت لها قضايا بها صبغة قانونية واتهامات للإنقاذ.. لكنهم مزقوا أوراق هذه الاتهامات وتخلصوا من سيطرتها على تفكيرهم حتى ولو تاورتهم نوباتها عرضاً فإن ذلك لا ينسف جهودهم في التخلص من وساوسها..

لقد اتسم تفكير المتجاوبين مع الحوار بالإيجابية العالية والمبكِّرة حين استجابوا للنداء ودعموا مشروع الحوار، فلماذا تغيب هذه التقديرات عن الحكومة وهي تتمسك بحقها القانوني مع رموز تلك القوى؟..

إن أول شروط نجاح الحوار هو امتلاك القدرة على تفهم وربما تجاوز الأذى الجديد والقديم من الطرف الذي تريد أن تتحاور معه.

إن الإصرار على تمديد وتطويل هذه الأجواء الملوثة هو الذي جعل القوى السياسية التي تجاوبت مع المبادرة تقوم بمراجعة موقفها بشكل جاد وهي التي جعلت أصوات تخرج من داخل تلك الكيانات تلوح بمقاطعة هذا الطريق طريق الحوار والعودة لمربع الأزمة بعد تجربة أليمة تجعل من الصعوبة بمكان الاقتناع بطرح الحوار مرة أخرى..

معظم تلك القوى السياسية التي تجاوبت مع الحوار تعبِّر الآن عن ما أصابها من إحباط وخوف من الدخول في حرج تاريخي يجعلها تشعر بأنها صدَّقت كلاماً لم يكن من المفترض أن تصدِّقه..

لا أزال على يقين بأن المبادرة التي طرحها رئيس الجمهورية هي مبادرة صادقة لكنني على قناعة بأن هناك تسيبا كبيرا من الحكومة في رعاية مشروعها هذا وحمايته.. لقد طرحوا المبادرة بصدق لكنهم تراخوا كثيراً في حمايتها..

غازي صلاح الدين لا يستبعد خروجه ومغادرته للطاولة التي لم تلتئم حتى الآن.. والشعبي نفسه الذي يصرح كمال عمر أنهم لن يتركوا الحوار حتى ولو تم اعتقال الترابي فإن موقفه هذا ربما لا يعبر عن توجهات وتصورات الجميع؛ فها هو أبوبكر عبد الرازق يلوح بالانسحاب من الحوار الوطني.. وكذلك في حزب الأمة سارة نقد الله تنسق مع عرمان..

لماذا ترك المؤتمر الوطني مبادرته ملقاة على قارعة الطريق مثل الطفل المجهول الأبوين؟.. لماذا يتراجع سقف الأمل والطموح من مستوى إقناع الحركات المسلحة بالحوار إلى مستوى البحث عن الحفاظ على من جاءوا مسرعين وتجاوبوا مع نداء التوافق الوطني؟

الحوار الوطني الآن يحتاج إلى عملية إنقاذ سريع لا تحتمل مزيداً من التسيب ويجب أن تبدأ بإعادة سيوف الإنقاذ الحادة إلى أغمادها.. الاعتقال والملاحقات القانونية وحظر النشر وكل سلوكيات إظهار الزهد في القادمين.. وفي القادم المرتجى..

المطلوب التقاط مولود الحوار الوطني من قارعة الطريق وتحويله إلى غرفة التحصين ضد الشلل والحصبة والكبد الوبائي.. سريعاً.

[/JUSTIFY] جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي