هي لله أم للجاه؟
لا يمكن لأحد حتى ولو كان عضواً متشدداً ومتطرفاً أعمى في ما يسمى بالحركة الإسلامية إن كانت موجودة، أن يصدق دعوة أمينها العام الزبير أحمد الحسن التي أطلقها أول أمس داعياً أعضاء حركته إلى الانخراط في – ما أسماه – الحراك من أجل تطبيق شعار (هي لله.. هي لله)، وأن شعار الحركة هذا يدعو ربما في (باطنه) إلى العيش بين الناس والحياة معهم.
(الزبير) قال في في الجلسة الافتتاحية للمتلقى التنظيمي القطاعي الثاني للحركة الإسلامية بالقطاع الشرقي الذي التأم الخميس المنصرم بمدينة القضارف، قال: “إننا انتهينا من الجهاد الأصغر ومضينا إلى الجهاد الأكبر، وهي مرحلة ضخ المشروعات والبرامج وتفعليها في المرحلة القادمة”.
أي مشاريع يا زبير؟ وأي مرحلة قادمة بعد ربع قرن من الحكم؟ انتهى فيه الجهاد الأصغر بفصل الجنوب وحروب دائرة في درافور، جبال النوبة/ وجنوب النيل الأزرق، واقتصاد كاسد وفقير، وفساد مستشر ينخر في عظم ما تبقى من سودان، وأثرياء جدد يمتلكون في الداخل والخارج أموال قارون لا أحد يسألهم (من أين لهم هذا؟) ولا أحد (يقلع منهم) ما نهبوه من أموال الشعب وأراضيه، فكيف سيكون الجهاد الأكبر إذن يا زبير؟ وكيف سيصدق الناس شعاركم النبيل (هي لله.. هي لله)، وأنتم غارقون في السلطة والجاه حتى أذنيكم والشعب يموت من الجوع والجهل والمرض، كيف لكم يا زبير كل هذه الجرأة في أن تقولوا إنكم في مرحلتكم القادمة (جهادكم الأكبر) ستأتون بالمشاريع الضخمة والـ (إيه ما عارف)، وأنتم عاجزون عن إحياء مشروع الجزيرة؟ وعن تطوير الزراعة الآلية المطرية في القضارف والنيل الأزرق، وعن جذب المستثمرين الذين ما أن يأتي أحدهم ويمكث بين ظهراني شعاراتكم مثل (هي لله.. هي لله) هنيهة حتى ينفد بجلده ويهرب من البلد، حيث سرعان ما يكتشف بأن هذا الشعار لا يتجاوز حافة اللسان، شعار ليس له مكان في القلب، لا يمكن أن يعاد إنتاجه والترويج له مرة أخرى، فهي لله (صار) مثل نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع، شعارات تدعو للأسف والسخرية، لأن الحقيقة والواقع الماثلين يقولان (غير ذلك)، يقولان إنها ليست لله وليست للشعب أيضاً، إنها (لكم)، لذلك فإن كل الحركة الإسلامية لا تستطيعنَّ تنظيف شعاراتها القديمة وتلميعها لتعيد إنتاجها مرة أخرى وتخدع الناس بشرائها، فلن يشتري أحد بضاعة مضروبة و(مجربة).
الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي