مصطفى أبو العزائم

الرهان على إسقاط النظام..!


[JUSTIFY]
الرهان على إسقاط النظام..!

بعض معارضي النظام يراهنون على أن الحركات المسلحة والمتمردة على الدولة، سيكون لها القدح المعلى في إسقاط النظام، لذلك يتحفظون في آرائهم حولها علناً، ويوادون تلك الحركات سراً، بينما البعض يرى أن التحالفات السياسية الداخلية هي التي ستسقط النظام، وقد ظلوا على ذلك الحال منذ أن نشأ هذا النظام في الثلاثين من يونيو 1989م إلى يومنا هذا الذي يبلغ عمره ربع قرن بالتمام والكمال.

مجموعة أخرى ترى إن سقوط النظام مرهون بتشديد العقوبات الاقتصادية والسياسية ا لخارجية، وإحكام الحصار على السودان حتى تنهار الدولة المواجهة أصلاً بالتزامات سياسية واقتصادية واجتماعية وخدمية تجاه شعبها، والرهان ينبني على أن الحكومة ستعجز عن الإيفاء بالتزاماتها تجاه الشعب، فتتآكل حتى تأكل دابة الأرضي منشأة الحكم ويعرف الإنس والجن أن تلك هي النهاية المرجوة لدى خصوم نظام الحكم الذين لا يسعون لحل مشاكل الشعب السوداني، بقدر ما يسعون إلى حل مشكلاتهم الشخصية والحزبية، المتمثلة في الجلوس على مقاعد الحكم، هم وأشياعهم والذين يوالونهم.

الآن تتراجع الحركات المسلحة، حتى بعد أن تجمع أكثرها في تنظيم موحد، جعلوا منه جسماً عسكرياً وسياسياً باسم الجبهة الثورية، فالضربات التي يتلقاها مقاتلو الجبهة يوماً بعد يوم، إنما تضعف من قوة تنظيمهم، خاصة في المناطق التي يحسب قادة التمرد أنها خالصة لهم، وتدين بالولاء والطاعة.

المواطن السوداني في مناطق النزاعات هو الأكثر ضرراً من غيره، وهو الأوسع معرفة بقوات التمرد التي تدمر المنشآت ولا تبني، وتصفي الخصوم لمجرد الاشتباه دون التثبت أو التحقق، مع مصادرة حق الآخرين في الفكر والاعتقاد.

الذي يحدث للقوات المتمردة من تطورات سالبة، يقابله تطور إيجابي في جانب القوات المسلحة السودانية، وقوات الدعم السريع والمجاهدين الذين يريدون إعمار الأرض لا اجتثاث كل نبتة حياة فيها، ولا إزالة كل ما فيه تنمية لأهل تلك المناطق التي أراد لها البعض أن تكون ساحة للحرب..

وأما بالنسبة للحصار الاقتصادي فقد مرّ السودان بظروف اقتصادية بالغة السوء، ليس في عهد حكم الإنقاذ وحده، بل ربما في عهود سابقة، خاصة في أواخر الحكم المايوي، ونهايات تجربة حكم الأحزاب التي أعقبت انتفاضة 1985م، ومع ذلك كان الشعب بعبقرية أو إيمان أو بصبر وعلو همة أو قناعات، يتجاوز تلك الظروف السيئة، رغم أن الكثير من الأزمات الاقتصادية وحصار الأنظمة يقوم بكتابة أول سطر فيها بعضنا من لحمنا ودمنا، نكاية في نظام يتصارعون من أجل الجلوس مكانه، لكنهم كانوا دائماً ما (يخنقون) الشعب، فتزيد الشقة بينهم وبين الناس.

نظام الحكم القائم في السودان هو الأطول عمراً من بين كل أنظمة الحكم الوطني، واجه صراعات وحروباً، وعمل جهده من أجل أن يحقق أحلاماً قديمة ظلت تراود الأجداد والآباء والأبناء مثل تمديد وسفلتة الطرق وربط المدن، وزيادة فرص الاستثمار الخارجي، وإنشاء الخزانات والسدود، واستقرار الإمدادين المائي والكهربائي بما يكفي حاجة أهل السودان.. ويفيض. .. وزادت قاعدة التعليم العام وتوسع القبول، وقامت الصناعات الحربية والثقيلة، وقد كان ثمن ذلك كبيراً، لذلك سكت أكثر الناس وهم يرون الغرس ينمو ويكبر، كما دفعوا ثمناً غالياً في بعض الاحتجاجات والهبات الشعبية اعتراضاً على قرارات حكومية.. مثل التهجير أو رفع الدعم عن المحروقات، واستغل خصوم النظام تلك الأحداث ليخصموا من رصيده الشعبي، وما نجحوا إلا قليلاً.

لكن مصيبة الأنظمة دائماً ما تأتي من داخلها، فعندما يتم إعفاء الوزير (الفلاني) أو الوالي (الفلتكاني) أو أي دستوري وغير دستوري حتى وإن بلغ سن التقاعد، تقوم دنيا المعفي ولا تقعد، ويصبح هو نفسه أحد أكبر وأخطر الأبواق المعارضة لا لشيء سوى أنه وجد نفسه بعيداً عن المسرح.

أيام قليلة ويكمل نظام الإنقاذ ربع قرن من الزمان وهو على دست الحكم والرهان على سقوطه أو إسقاطه ظل قائماً، ومع ذلك فإن كل الذي يجري ويدور في السر والعلن لن يطيح بنظام لم يأذن الله بزواله فالله- سبحانه وتعالى- يهب الملك لمن يشاء وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء ويذل من يشاء وهو على كل شيء قدير.

اللهم أحفظ بلادنا من كل أذى، وفرِّج كرباتنا، وأصلح أحوالنا، وأهدي أولى الأمر منا إلى سواء السبيل.. يارب العالمين.
[/JUSTIFY]

بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]