سودانيون في المنفى!
منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، ومع تطور الأحداث في ليبيا الشقيقة، ومع حالة التردي الأمني التي شهدتها وتشهدها بعض المناطق، خاصة في شرق البلاد، بدأ عدد من السودانيين العاملين هناك في حزم حقائبهم، وجمع أمتعتهم القليلة، وحمل مدخراتهم على قلتها، استعداداً للعودة إلى السودان، وقد تولت إحدى الوكالات في مدينة «بني غازي» مهمة استخراج تذاكر عودتهم براً من ليبيا إلى السودان، مع التأكيد على الحجوزات الخاصة بالحافلات من «بني غازي» إلى «القاهرة» عن طريق نقطة «السلوم» الحدودية، ثم حجوزات القطارات المصرية من «القاهرة» إلى «أسوان» وحجوزات الباخرة من ميناء السد العالي إلى ميناء الشهيد الزبير في مدينة «حلفا» فحجوزات القطار من محطة السكة الحديد هناك وحتى نهاية الرحلة في محطة الخرطوم بحري.
أعداد السودانيين في مدينة «السلوم» ونقطتها الحدودية في تزايد يوماً بعد يوم، ومعاناتهم أصبحت مثل المتوالية الهندسية التي تتضاعف كلما انتقلت إلى مرحلة جديدة بصورة منتظمة. وقد اصطحب البعض أفراد أسرته، وهو ما زاد معاناتهم، وأصبحت هناك نساء، ولا مكان ولا ظل ولا راحة، فالجميع يعيش في العراء، يأكل ويشرب ويقضي حاجته في ذلك الفضاء الذي دونه حاجز وحواجز، بعد أن أغلقت «مصر» معبرها الحدودي مع «ليبيا» لتقديرات أمنية خاصة بها، ولم يعد بالإمكان عبور نقطة «السلوم» بينما أصبحت العودة إلى «بني غازي» ذات تكلفة أعلى لأكثر من مائة وعشرين مواطن سوداني، يجدون أنهم سيحكمون على أنفسهم بالبقاء هناك في «بني غازي» بلا عمل أو مقر أو أمل، وحتى الأحلام ستصبح مجهضة، لأنهم لا يستطيعون السفر جواً من هناك، فالإمكانات محدودة.. بل ومتآكلة.
كثرت الشكوى، وأصبح أولئك النفر كمن وقع في مصيدة لن يستطيع الفكاك منها، ولن يعيش إن بقي داخلها، وأخذوا يستنجدون بالقريب والغريب، وبالرسمي وبالأهلي، دون فائدة، ودون أن تتحرك جهة رسمية سواء من سفارتنا في «طرابلس» أو قنصليتنا في «بني غازي» أو سفارتنا في «القاهرة» أو حتى على مستوى وزارة الخارجية في «الخرطوم».
نعم لم تتحرك أية جهة رسمية أو غير رسمية، واتصل بنا المتضررون المحتجزون مستنجدين بالصحافة علّ وعسى أن تقع عين مسؤول على مآساتهم فيتبنى عن طريق مؤسسات الدولة رحلة العودة لهؤلاء المساكين الذين أخذت آمالهم تتضاءل يوماً بعد يوم، وثقتهم في القائمين بأمر العباد والبلاد تضعف ساعة بعد ساعة.
نشرنا المأساة، وتوقعنا أن يتم تحرك رسمي لكتابة الفصل الأخير في هذه المأساة، ولكن «مين يقرأ.. ومن يسمع؟».
أنقذوا مواطنينا من ذل الحاجة، وانتظار ما لا يأتي.. وليت قواتنا المسلحة تبنت أمر عودتهم بطائراتها بالتنسيق مع الجهات المختصة في الرئاسة والخارجية والأجهزة الأمنية.
اللهم فرج هم أولئك الضعفاء، وأعدهم إلى بلادهم ويسر لأولى الأمر اتخاذ الخطوة المطلوبة الصحيحة يا رب العالمين.. آمين.
.. وجمعة مباركة
بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]