صلاح الدين عووضة

وعيونهم عسلية !!!


[JUSTIFY]
وعيونهم عسلية !!!

*نصف أبناء السودان – ممن تجاوزوا الخمسين الآن – وُلدوا يوم الاستقلال..
*ولدوا في الأول من يناير من العام ستة وخمسين وتسعمائة وألف بالتأريخ الميلادي ..
*وُلدوا في اليوم الذي غنى له وردي قائلاً : (اليوم نرفع راية استقلالنا ) …
*شيء عجيب……..
*والأعجب من هذا أنّهم جميعاً ذوو عيون عسلية…
*وأنّ أطوالهم خمسة أقدام وست بوصات ( لاتزيد لا تنقص)..
*وشعورهم ذات لون واحد وهو الأسود….
*وجميعهم ـ بسم الله ما شاء الله ـ قمحيوّ اللون..
*هكذا تقول جوازات سفرمواليد الاستقلال هؤلاء…
*وجوازات السفر هذه تقول – كذلك – إنه يصلح للأقطار كافة عدا إسرائيل..
* (طيب) ؛ لماذا إسرائيل وليس أمريكا – مثلاً – التي لولاها لما كانت دويلة اليهود متفوقة عسكرياً على دول العرب جميعها؟!..
*ولماذا إسرائيل وليس فرنسا التي لولاها لما كان هنالك مفاعل نووي في صحراء النقب اسمه (ديمونة) أخافت به تل أبيب العرب؟!..
*ولماذا إسرائيل وليس بريطانيا التي لولاها لما كانت هنالك دويلة لليهود – (من أصلو) – عبر ما سُمي (وعد بلفور) ؟!..
*لا أحد من أبناء الاستقلال يدري بالتأكيد وإلا لدروا ـ من باب أولى ـ لماذا هم عيونهم عسلية، وشعورهم سوداء، ولونهم قمحي، وولدوا يوم إعلان الاستقلال..
*ولدروا كذلك لماذا الاستقلال الذي (قُرِّضت) تواريخ ميلادهم عليه أُعلن عنه بعد ذلك مرات عدة عقب كل (بيان) يشير إلى بداية الاستقلال (الحقيقي !!)..
*فأبناء الاستقلال عايشوا إلى الآن ثلاث لحظات إعلان للاستقلال بخلاف الذي ولدوا يوم إعلانه ذاك ولم (تتفتح) أعينهم فيه بعد لتصير ( عسلية) ..
*وكل لحظة من اللحظات الثلاث هذه يقال لهم فيها إنّ هذه هو (الاستقلال الحقيقي)..
*وأضحي مواليد الاستقلال في حيرة من أمرهم….
*بل ربما لم يكن دقيقاً – الأزهري- وهو يصف ما قيل إنه الاستقلال الذي شهد مولدهم ذاك بانّه مثل الصحن الصيني ليس فيه شق ولا طق..
*ربما كان (تايوانياً !!) – الصحن ذاك – وليس (صينياً) ….
*وقد يكون الدليل الدامغ على (عدم صحة) الاستقلال االمذكور هو (عدم صحة) البيانات الواردة في جوازات سفر الذين وُلدوا يوم إعلانه هؤلاء..
*فلا يعقل أن يكون كل الذين وُلدوا في اليوم ذاك يتشابهون كما التوائم: طولاً، ولوناً، وشعراً، وعيوناً….
*ولا يعقل أن يكون آباؤهم جميعاً قد (وقّتوا) ليلة (دخلتهم!!) لتكون قبل تسعة أشهر من لحظة إعلان الاستقلال بـ(الضبط) ..
*ولا يعقل أن يكون (الطلق) قد جاء لنصف نساء السودان- آنذاك- في ليلة الأول من يناير من العام (56) تحديداً..
*ولا يعقل أن تنطلق (صرخات!!) عشرات الآلاف من المواليد في اللحظات نفسها التي انطلق فيها صياح ديكة فجر اليوم ذاك..
*فإن كان ذلك هو ما حدث فعلاً – أي الصراخ الجماعي – لـ(تدشدش !!) الصحن الصيني عوضاً عن حدوث شق فيه ..
*ورغم الشكوك هذه كلها الآن إزاء حقيقة كلا الأمرين؛ (الاستقلال) و (الولادة الجماعية) فإن هذا لايمنعنا من أن نحتفل بذكرى الإستقلال عند بدية كل عامٍ جديد..
*أوأن نسلم بفرضية (العيون العسلية) و(الشعر الأسود) و(اللون القمحي) و(الأطوال ذات الأقدام الخمسة ومعها الست بوصات)…
*ثم (نحتفي) – كذلك – بأيما استقلال جديد من منطلق الحكمة الشعبية القائلة (زيادة الخير خيرين) ..
*فمن غيرنا نحن شعب السودان (الطيب !!) يمكن أن يفعل ذلك ؟!..
*وأعجب كيف لم تُضف صفة ( الطيبة) إلى الصفات الشكلية تلك التي في جوازات السفر..
*بل إن مسألة (الطيبة) هذه – في رأيي – أهم من حكاية ( العيون العسلية)..
*فيكفي أننا نصدق كل من يذيع بياناً (أول) في وقت صياح الديكة وصراخ مواليد الإستقلال (الإول) ..
*ثم يزعم إنه ما جاء إلا من أجل الإستقلال (الحقيقي) وليس الذي وُلد فيه نصف السودانيين ..
*وفي سره يقول ضاحكاً : (والله إنتو عسل يا أصحاب العيون العسلية!!!!).
[/JUSTIFY]

بالمنطق – صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة