حائط المبكى السوداني
رمية :
البرلمان ـ أي برلمان في الدنيا ـ مهمته تشريعية رقابية. وبما أن السودان دولة رئاسية فالبرلمان ليس منفرداً بمهمة التشريع إنما تشاركه فيها رئاسة الجمهورية. عليه يبقى الجانب الرقابي هو الذي يلفت النظر للبرلمان إذ عليه أن يقوم بنتف ريش كل مسئول تنفيذي يقف أمامه أو يتم استدعاؤه للبرلمان. وقد يقول قائل إن هذا لا يتأتى لبرلمان السودان لأن البرلمان والجهاز التنفيذي ينتميان لحزب واحد ولكن في تقديرنا أن هذا أدعى لأن يكون البرلمان شرساً لأنه لن يتهم بالسعي لتقويض النظام إنما دافعه التقويم، فالبرلمان الإيراني رغم أنه يخضع لسيطرة الحزب الحاكم إلا أنه أصبح مضرب مثل في مراقبة ومساءلة الحكومة ووضعها دوماً على صفيح ساخن.
العصاية :
في الأسبوع المنصرم رأينا جلسات برلمانية عينة إذ مثل عدد من الوزراء أمام البرلمان فبدلاً من التعرض لوابل من النقد أو حتى قليل من المدح كما تقتضي عملية الرقابة من نقد وتقويم فقد قام الوزراء بقلب الطاولة على أعضاء البرلمان وشكوا لهم هوان ورقة حالة وزاراتهم، فالسيد وزير الثروة الحيوانية أورد حقائق كفيلة بأن تجعل كل من به ذرة وطنية أن يبكي حتى “يفقد سوائل”، فقال إن تصدير اللحوم قد انخفض من 20 طناً سنوياً إلى طنين فقط (2 طن) لماذا ؟ لأن المسالخ السودانية رديئة ولا تفي بمقاييس الجودة العالمية (أقسم بالله خمسة عربات من الواقفة على سور البرلمان يمكن أن تشيد مسلخاً يغني عليه سرور).
أما السيد وزير الاستثمار فقال للبرلمان ما يفري الكبد ويرفع الضغط ويهرد الكلى، على طريقة الطيب مصطفى، فك الله أسر صيحته، فقد قال إن مناخ الاستثمار في البلاد زي الزفت ودلل على حديثه بأن هناك أكثر من سبعمائة عملية استثمارية قد هربت من السودان لإثيوبيا (دي قروش سودانية عديل خرجت من السودان) , أما السيد وزير النفط الذي كان يبشرنا بأن هناك حقلاً به مليارات من براميل النفط قد تم اكتشافه قال أمام البرلمان إن شركات التنقيب بدأت تلملم في عفشها وتخرج من السودان نتيجة الضغوط الدولية عليها. لا أدري ما إذا كان الوزير قد ذكر للبرلمان المهددات الأمنية ومضايقة الأهالي لتلك الشركات . وزير النقل أمام البرلمان لم يكتف بنعي الخطوط البحرية السودانية التي كانت لها شنة ورنة ولكنها كشقيقتيها السكة حديد والخطوط الجوية السودانية قد لحقت أمات طه، فبرر سيادته بيع آخر باخرتين كانت تملكهما الخطوط البحرية خردة، يا جماعة خردة والبكاسي موديل 74 تتهادى في شوراع الخرطوم ؟!
كسرة :–
سنكون غير عاقلين إذا طالبنا السادة الوزراء بالاستقالة وسنكون غير واقعيين إذا طالبنا البرلمان بأن يقيل الحكومة وسنكون مجانين إذا قلنا للبرلمانيين “قاعدين ليه؟” لأننا نعلم أنه زمان الكنكشة حتى ولو أصبحت البلاد جثة هامدة فنحن في السودان لم تعد أزمتنا في التنفيذيين فقط إنما أصبحت في كل أوجه حياتنا، فالساسة يتصارعون على جنازة البحر هذه . أجندة الإعلام أضحت تحركات الساسة الفارغة.. دخول المعتقل ثم الخروج منه. لقد عم الإحباط واليأس والقنوط وتساوت الأمور في نظرنا (الليل والنهار واحد على العميان واللوم والشكر …) فيجب أن لا نتفاجأ إذا وجدنا ذات يوم لافتة كبيرة مكتوب عليها (السودان 1821 -2015 )
حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]