أها تاني في شنو؟
اعتقل السيد الصادق المهدي لمدة شهر اعتقالا كان يمكن تفاديه بدون الاخلال بقاعدة من قواعد التقاضي لدفع العمل على الجبهة السياسية ثم خرج من معتقله بجودية تمرس عليها اهل السودان فكان اعتقالا مجانيا وخروجا اكثر مجانية ومع كل ذلك ظل حديث الاعلام ومجالس الانس ولكن ما إن طويت صفحته حتى هجره الناس الي غيره ككأس العالم ومطلوبات رمضان ومطلوبات بداية العام الدراسي ومطلوبات بداية الموسم الزراعي وهذه قصة اخرى لنا لها عودة إن شاء الله.
الصادق المهدي وفي لحظة دخوله المعتقل ثم من اول ساعة لخروجه منه طفق يعدد في فوائد ذلك الاعتقال بالنسبة له كسياسي وكيف انه اعاده الى الواجهة وكيف التف الناس حوله وكيف اجمعوا على قيادته ثم اضاف للمكاسب السياسية فوائد صحية شخصية لا وبل اشار الى أن هناك فتوحات فكرية قادمة لو استمر ذلك الحبس. الحكومة من جانبها اوجدت لاعتقال الصادق مكاسب سياسية لها فإظهار العين الحمراء للصادق وهو اهم طرف في الحوار الوطني المطروح جعله يبلع كلامه وهذا يعني وضع قطار الحوار في القضيب الذي تريده الانقاذ كما أن ردة الفعل الشعبية المتواضعة للاعتقال اوضحت لها قدرات المعارضة المتواضعة او قل تمزقها.
السيد الصادق وحزبه والانقاذ وحكومتها يحبون دوما رؤية ما يحبون ويمكن أن نسمى هذا بالرؤية الرغائبية على وزن التفكير الرغائبي فنحن في السودان ابتلينا بسياسيين لا يحبون سماع او رؤية الواقع كما هو كما يحبون وهذا ما يسمى احيانا بالثغرة التلفزيونية وهي أن ترى مشهدا تلفزيونيا وتحسب أن هذا هو الواقع فمثلا تقيم لقاءً جماهيريا ويحضره الف شخص ويتم التصوير بطريقة تجعلهم يتدافعون كالامواج وتملأ بهم الشاشة ويمكن أن يقدروا بمئات الآلاف او حتى فوق المليون فعوضا عن تصديق ما رأته عيناك في اللقاء تقوم بتصديق ما رأيته في التلفاز لان هذا ما تحب او ما كنت ترغب في رؤيته.
نحن لا نشك في قدرات السيد الصادق التحليلية السياسية ولا في الذين يتولون مهمة التحليل السياسي في الانقاذ ولكن العاطفة السياسية تتغلب على العقلانية عندما يكون الامر متعلقا بشخص المحلل السياسي فدون شك أن في اعتقال الصادق مكاسب سياسية للصادق ولحزبه وفي مرور اعتقال الصادق بسلام مكسب سياسي للانقاذ فـ”كل ما لا يقتل يقوي”، وهذه العبارة قالها الصادق عندما كان رئيسا للوزراء وخرجت حكومته من موجة اضطرابات سياسية قوية ولكن بالمقابل هناك خسائر عادت على الصادق وخسائر عادت على الانقاذ اقلها مكاسب الغريم لا بل هناك قطاع كبير اعتبر الامر كله مسرحية ولعبة سياسية.
والاهم من كل الذي تقدم أن هناك وقتا وطنيا ثمينا قد اهدر وان هناك قضايا اكبر واهم كان يمكن أن يُعمل فيها الفكر ويسكب فيها المداد او تضرب عليها مفاتيح الكي بوردات، قضايا تهم حزب الامة وتهم الانقاذ وتهم الوطن. وفي تقديري انه لو قمنا بعملية جرد حساب-جمع وطرح – عقلانية لمجمل الشغلانة سوف نجد الكل خسر وليس هناك رابح فكل الذي حدث في تقديرنا تمرين سياسي ضار بكل الاطراف وبالتالي ضار بالوطن كله اذ عمَّق الدائرة الخبيثة التي تدور فيها البلاد ولعقود من الزمان، عليه سنظل فاغرين افواهنا فاتحين خشومنا – في انتظار لعبة سياسية جديدة وصغيرة وضارة بالبلاد والعباد وتبكي يا بلدي الحبيب,,, يلا البعدو …
حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]