عبد الجليل سليمان

ضبطيات الشيوعيين


[JUSTIFY]
ضبطيات الشيوعيين

(ضَبَطَ أَعْصَابَهُ إذ كَبَحَهَا وسَيْطَرَ علَيْهَا).

قراءة عناوين الصحف الصادرة بالأمس فيما يلي قضية السيدة المفرج عنها بعد إسقاط حكمي الردة والزنا عنها، تحتاج ذلك النوع من الضبطيات، وكذلك فإن تصريحات منسوبة إلى إمام الحرم المكي بأن علامات القيامة ظهرت في السعودية تحتاج إلى كوابح طائرات.

كل شيء في هذا البلد يحتاج ضَّبطيَّة من نوع ما. وللفائدة العامة فإن ضبطية قضائيَّة تعني تنفيذ الإجراءات القانونيّة التي يكون الغرض منها الكشف عن جريمة ما.

والجرائم هنا على (قفا من يشيل)، ولكن أقسى وأفظع أنواعها تلك التي تُرتكب في حقِ الإنسان، وهذه تحتاج إلى آلية (ضبط) قوّية وناجزة، وإلى آلية (ربط) محكمة على قرار (وشدوا الوثاق)، ومنها أن مجلس الوزراء أودع البرلمان مسودة قانون (تمهين التعليم)، وهو مشروع قانون جديد لضبط مهنة التعليم ويتضمن القانون اشتراطات جديدة ومعايير دقيقة لاختيار المعلمين.

الحمد لله أن أدركت الحكومة (متأخرة جداً) أن التعليم الذي يعد أحد أهم الاستثمارات التي اكتشفها البشر على الإطلاق ينبغي ضبطه، وأن (المدرس) هو أهم إنسان في هذا الكون، كونه يشتغل على تنمية البشر، وبالتالي تنمية كافة القطاعات الحيوية الأخرى كالأمن، التنمية الاقتصادية، الصحة، الصناعة وإلى آخر القائمة، وأن مهنة التعليم ينبغي أن تغلق في وجوه كثيرين ينشطون فيها حالياً، وهم غير مؤهلين أكاديمياً وأخلاقياً وغير مهيئين نفسياً ليمارسوها.

بالطبع ما يحتاج إلى ضبطية صارمة بجانب الأموال التي لا تودع وزارة المالية، فتنساب إلى (الحرامية)، هي تصريحات الشخصيات العامة في الحكومة أو المجتمع المدني على حد سواء، فينبغي أن يضبط الكل شفتيه اللتين يرقد بينهما لسانه (الطويل)، حتى لا يهرف بما لا يعرف فيورط البلاد والعباد فيما لا قبل لهما به.

لكن في الاتجاه المعاكس لـ (انطلاقة) جُل الألسن الرسميّة والشعبية، يقف السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني بانضباط تام، فالراصد لحواراته وتصريحاته منذ تسنمه المنصب المهم وإلى الجزء الثاني من حواره مع الزميلة التيار الذي أدارته الزميلة (حنان بدوي)، يرى مواقف مبدئية مدعومة بحجج قوية تجاه كل قضايا الوطن الملحة، مثل الحوار، الديمقراطية، التنمية، محاربة الفساد، وحتى قضايا الشيوعي الداخلية.

ولأن ما يصرح به الخطيب ليس صادراً عن عاطفة جياشة، أو ناجماً عن حالة خوف وارتباك، لذا يبدو قوياً ومؤسساً وعقلانياً ومنضبطاً جداً، لذلك نلاحظ أن الشيوعي إلا فيما ندر – وسكرتيره على وجه التحديد ولما يتسمون به من (ضبط وربط) عاليين، لا ينكصون ولا يبلعون ولا (يزوغون) مما يقولون ويصرحون، فهل تناهى إلى آذانكم أن الخطيب قال يوماً إن تصريحاً فُهم على نحو خاطئ، أو انتزع من سياقه.

لن يستخدم تلك العبارات لأنه يحتاجها، فموقفه من الحكومة واضح، ومن الحركات المسلحة الأحزاب الحليفة له أوضح، فلماذا لا تستعين الحكومة (ما استطاعت) ولن تستطيع، بضبطيات الشيوعيين المحكمة فربما تخرجها من الظلمات إلى النور.
[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي