أوراق اللعب مكشوفة..!!
:: رغم القواسم المشتركة على مستوى البلدين والحكومتين والحزبين، لم يكن الرئيس المعزول مرسي راغباً في زيارة السودان.. ثم زاره مكرهاً، وكان السودان محطته قبل الأخيرة، وقبل أن يغادر السلطة بشهر ونيف في يوليو 2013.. ورغم القواسم المشتركة على مستوى البلدين والحكومتين والحزبين، فالعلاقات السودانية المصرية -في عهد الرئيس مرسي- لم تكن جيدة، بل كانت علاقة مشوبة بالحذر والتوجس.. والحذر والتوجس مردهما أن حكومة مرسي -التي انتخبها الشعب- وضعت السودان وحكومته في (دائرة الربيع العربي)، أي بناء علاقة جيدة مع حكومة تقع في تلك الدائرة مغامرة سياسية، أو هكذا كان لسان حال حكومة مرسي.. ولم يزر مرسي السودان إلا مكرها -قبل سبعة أسابيع من عزله- إلا لحفظ ماء الوجه للمسماة بالعلاقات الأزلية بين البلدين، وكذلك للاحتماء بعلاقة الحكومتين السودانية والقطرية من الحصار الخليجي..!!
:: ويبدو أن حكومة الرئيس عبدالفتاح السيسي تقرأ دروس الحكومات السابقة -بما فيها حكومة مرسي- وتتعلم منها لترسم خارطة علاقات خارجية ذات (مسار مختلف).. زيارة الرئيس السيسي للسودان -في هذا التوقيت- تحمل رسائل مهمة للغاية.. مصالح الشعبين والبلدين أهم من أفكار ونهج الحكومتين.. ولذلك بادرت الحكومة السودانية بتحية الحكومة المصرية بلا تحفظ أو توجس- عند تنصيبها للفريق السيسي رئيساً للجمهورية، وها هي الحكومة المصرية ترد التحية بأحسن منها باختيار السودان -بلا تحفظ أو توجس- كثاني زيارة خارجية للرئيس السيسي منذ أن انتخب رئيساً لجمهورية مصر.. نعم، هي تحية وردها بلا توجس، أو هكذا الرسالة الأولى..!!
:: ثم، كما السودان بحاجة إلى مصر للتطبيع مع كل دول الخليج بما فيها السعودية، فإن مصر أيضاً بحاجة إلى السودان للتطبيع مع كل دول الخليج بما فيها دولة قطر، أي كل دولة تصلح بأن تكون مفتاحاً للدولة الأخرى في حال رغبتهما لفتح أبواب أقوى الدولتين تأثيراً في العالم العربي (قطر والسعودية).. ثم تأتي (أم القضايا)، وهي قضية مياه النيل وملحقاتها التي من شاكلة (الاتفاقية) و(سد النهضة).. مصر -منذ عهد الرئيس مرسي- تفاجأت بموقف السودان في قضية سد النهضة الإثيوبي، فالموقف كان (حيادياً).. ثم تفاجأت مصر -منذ بداية عهد الرئيس السيسي- بموقف آخر للسودان في ذات القضية، إذ غير السودان موقفه الحيادي بآخر (مؤيد بلا تحفظ)، وهذا الموقف يُزعج الشارع المصري ويؤرق الإعلام المصري.. وحكومة السيسي، لتخرج من مطرقة شارعها وسندان إعلامها، بحاجة إلى تغيير الموقف السوداني في قضيتي (مياه النيل) و (سد النهضة)..!!
:: سياسة العداء في القضايا الإقليمية والتي منها قضية مياه النيل لم -ولن- تجدي مع الحكومة السودانية، حسب تجارب سابقة وراهنة.. وليست من الحكمة السياسية أن تقف مصر وحدها ضد كل دول حوض النيل بما فيها الدولة الجارة التي كانت تناصرها بالحق والباطل في كل مواقفها.. ولذلك، يجب تبديل سياسة العداء بـ(سياسة الاحتواء)، حتى تمر اتفاقية مياه النيل و أزمة سد النهضة بسلامة، أو هكذا لسان حال حكومة الرئيس السيسي اليوم.. وقد تفلح سياسة الاحتواء التي تتبعها حكومة السيسي في تغيير مواقف السودان في بعض القضايا الإقليمية والتي أهمها قضية مياه النيل.. قد تفلح سياسة الاحتواء المصرية في تطبيع العلاقات، ولكن هل بمثلث حلايب والمعارضة السودانية بالقاهرة مقابل اتفاقية مياه النيل وسد النهضة، أم كالعادة- تكسب مصر بلا مقابل؟.. فالنتائج في مقبل الأيام، وكل أوراق اللعب مكشوفة..!!
[/JUSTIFY]
الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]