جمال علي حسن

تحريض.. غبن.. حقد.. حريق


[JUSTIFY]
تحريض.. غبن.. حقد.. حريق

النخبة المثقفة الفاشلة في بلادنا نخبة آثمة في حق المجتمع.. فلا هي نجحت في قيادة التطور والتغيير ولا تركت المجتمع يأكل من (خشاش الوعي)..!

.. الخبر المخيف جداً هذا الذي نشرته الصحف قبل أيام (مجهولون أضرموا النار في عدد من سيارات المواطنين في أماكن مختلفة بحي كافوري).

وبرغم أن القضية قيد التحقيق لكنني أرجح أن لا يكون لدى من فعلوا هذا الفعل أية خلفيات علاقة مع أصحاب هذه السيارات.. أنا أرجح الاحتمال الأسوأ وهو أن يكون ما حدث بداية لمرحلة جديدة من مضاعفات تطور الحقد الاجتماعي في السودان.

لأن الراصد لمؤشرات وجود نوع من الحقد الاجتماعي يلحظ ظواهر قديمة لكنها كانت بسيطة وغير جريئة بالدرجة التي يمكن وصفها بأنها جرائم حقد اجتماعي.. ظواهر ظلت موجودة بنسب ضعيفة لا ترقى للاهتمام والدراسة مثل أن يستيقظ أحدهم فيجد أن أحدا قام باصطياد وتهشيم (لمبات متجره) الخارجية.. أو يجد أصحاب السيارات الخاصة أن هناك من عبث بطلاء السيارة الخارجي بآلة حادة (مسمار) أو (موس) بغرض تشويه منظر السيارة..

والمتهم التقليدي يكونون دائما هم الأطفال المتشردون والذين لم تتوفر لهم مساحة رعاية وتربية صحيحة بسبب ظروف التشرد والنشأة بعيداً عن كنف الأسرة.

لكنك لو نظرت بعمق أكثر في تلك المرحلة فستلحظ أن فيروس الحقد الاجتماعي والحسد المرضي موجود في مستويات أخرى أكثر رقياً وأعلى ثقافة بنوع من السلوكيات العامة التي تتغلغل بانتشارها في عمق جسد المجتمع.. ويشعر بذلك الكثير من النجوم البارزين في مجالات مختلفة حين يواجه بعضهم بحرب غير مبررة تستهدفهم من اتجاهات مختلفة لا مبرر لها سوى الحسد والحقد الاجتماعي..

فالحقد ليس نتاجاً عن مشاعر شاذة من البعض تجاه فوارق الفقر والغنى فقط.. بل أيضاً هو موجود بين الكثير من الفاشلين تجاه أولئك الذين يحققون النجاح..

هي قضية وحالة معقدة.. تتداخل في إيجادها الكثير من العوامل المتعلقة بالوعي العام وثقافة المجتمع ودرجة حساسيته وظروفه العامة..

ولكن كل هذا كوم وظهور حالات تعد مخطط على ممتلكات الآخرين بهذه الصورة التي رسمتها حادثة كافوري، كوم آخر ومرحلة جديدة ومؤشر خطير لدرجة الكراهية والغبن الاجتماعي في بلادنا.

أنا أدين كل منابر الكراهية بتهمة التحريض غير المباشر والاشتراك الجنائي في ارتكاب هذا الفعل الذي وقع بكافوري وما شابهه.. وأدين صاحب كل عبارة أو تصريح أو مقال صحفي أو موقع إلكتروني ساهم في التحريض الاجتماعي في بلادنا ولو بكلمة واحدة..

ونقول إن حادثة كافوري يجب أن تخضع لدراسة عميقة من خبراء اجتماعيين ويتم عقد ملتقيات عصف ذهني شفافة تحدد نوع المرض وخطة علاجه..

القضية أكبر من تصرف جانحين أو متشردين، القضية تعبر عن تطور إجرامي مخيف نابع من مخزون الصديد المتراكم في الصدور، صديد الكراهية والحقد الاجتماعي الذي هو أكبر مدمر لأنسجة المجتمع وأكبر مهدد في بقائه سالماً.

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي