عبد اللطيف البوني
يازمن وقف شوية
مرت بنا أزمان كان حلم البنت البكر الطبيعي ان تكون الزوجة الاولى، ولن تقبل بأن تكون زوجة ثانية الا في حالة تلاشي الخيار الاول هذا لأي سبب من الاسباب كتقدم العمر او قلة الحظ من الجمال او لاي سبب آخر ولكن الملاحظ هذه الايام ان البنات او لنقل بعض البنات يفضلن ان يكن زوجة ثانية رغم وجود الخيارات للدخول في زمرة الزوجات الاوائل وعلى حسب علمي ان بعضهن يفضلن الرجل الكهل المتزوج (المرتاح) او الواعي على الشاب البكر الخالي من التجارب، ومن الطريف ان هذه الظاهرة اصبحت ليست من الامور التي تثير في نفس الزوجة (الثانية او الثالثة) الشابة الخجل او الاستحياء لا بل مصدر فخر وكأنها دليل على نجاح اجتماعي.
وبما يقارب النقيض من الظاهرة اعلاه اصبح فارق السن بين الرجل والمرأة لصالح الاول ليس من الشروط اللازمة بمعنى كان الطبيعي او المتواتر ان يكون الرجل اكبر في السن من المرأة ولكننا لحظنا أخيراً انه يمكن ان يحدث العكس، فالزوجة قد تكبر الزوج بعدة سنوات وفي هذه الحالة غالبا ما تكون متطلبات الاسرة من اساسيات (المنزل) وكماليات (السيارة) من املاك الزوجة – أي – الزوجة هي المرتاحة، ليس جديدا ان تكون الزوجة ثرية او(وارثة) وتتزوج من شاب عادي ليس من طبقتها، لكن الجديد هو ان يكون توفيرالمتطلبات من الزوجة لا بل وهذا هو الداعي الاساسي لصفقة الزواج، فقد كان الرجل يرفض رفضاً باتاً ان يعيش في كنف زوجته واذا حدث هذا يتوارى منه خجلاً ولكن الآن تجد شاباً يمتطي سيارة فارهة ويفخر بأنها لزوجته ويعتبر ذلك ضرباً من النجاح الاجتماعي.
اذاً ياجماعة الخير الجديد في الأمر ان فارق السن المتعارف عليه وكأنه من الثوابت في مجتمعنا بين الرجل والمرأة الذي كان يتراوح بين ثلاثة وسبعة وقد يزيد لصالح الرجل قد اخذ هذا (الثابت) يتلقى ضربات موجعة زلزلت ثباته وحتما سوف ترميه في سلة التاريخ اذا تواصلت، فقد اصبح فارق العشرين والثلاثين سنة كما في الحالة الاولى وان تكون الزوجة اكبر من الزوج بعدة سنوات كما في الحالة الثانية من الامور المقبولة.
أنا هنا لست مهتما بتقييم هذه المتغيرات ومالآتها مع مرور الزمن بقدر ما انني مهتم باثبات انها من المتغيرات او من الطوارئ التي قد تصبح عادية بمرور الزمن وهذه المتغيرات قد تكون ناجمة عن عوامل سلبية كالفقر والجدب الذي اصاب الطبقة الوسطى في بلادنا ولكن في نفس الوقت قد تكون من الاستجابات الواعية لتلك الضغوط، فالمجتمع الحيوي هو الذي لديه القدرة على التكيف على النوازل و المتغيرات الموضوعية.
ربما يرى البعض انها امور لاتتناقض مع الفطرة الانسانية لا بل ولامقتضيات الشرع انما غيبتها ظروف موضوعية، لقد ادهشتني هولندية مستشرقة دارسة لأدب الطيب صالح عندما قالت ان علاقة مصطفى سعيد المضطربة مع النساء الغربيات يجب ان لا تفهم في اطار الصراع بين الشرق والغرب كما ذهب النقاد انما يجب النظر اليها من خلال النفس الانسانية وما يعتريها من تقلبات.
صحيفة الرأي العام – حاطب ليل
العدد(22686) بتاريخ (19/5/2009)
aalbony@yahoo.com