عبد الجليل سليمان

الشعيرة المريمية الأبرارية


[JUSTIFY]
الشعيرة المريمية الأبرارية

لأول مرةٍ، ومُنذ ابتداري كِتابة زواية راتبة في الصحفِ، أجد نفسيّ في مأزقٍ حقيقي ووضع مُرتبك و(غائم جزئياً)، إذ أن الإمساك بتلابيب وغنابيز قضية المتحولة إلى الديانة المسحية (مريم يحيى) يبدو أمراً يحتاج ليدين خشنتين لأنها (أي الغنابيز والتلبيب) المرِّيميّة شديدة الانزلاق.

فالسيدة موضوع القضيِّة حمالة اسمين (مريم وأبرار)، ما جعل (ديسكات) صحف الخرطوم واستديوهات أخبارها في حيرة من أمرها، أيهما تختار؟ لكن وكالات وصحف وفضائيات (الدنيا كلها) قررت أن تختار ما اختارته السيدة لنفسها (مريم)، بينما ظللنا نحن تائهين بين الاسمين، حتى أن هذه الربكة بلغت زُبى العناوين الرئيسة لبعض إصدارات الأمس، فعنونت الزميلة (السوداني) الخبر على النحو الآتي (توقيف أبرار “مريم” بمطار الخرطوم)، واستخدم كتاب الرأي ذات الاسمين في زواياهم. وحُقّ للصحف والكتاب ذلك، فماذا هم فاعلون غير أن يحتاطوا لهذه الربكة بالجمع بين (الاسمين)، خاصة وأن (الدنيا ما معروفة).

على كلٍّ، دعوني ألتقط تلك الإشارة الذكية التي أوردها الأستاذ (مزمل أبو القاسم) في زوايته أمس، بأن قرار منع (مريم) من السفر بُرر بأنه جاء نتيجة لعدم استيفائها للإجراءات المطلوبة، إذ أشار (مزمل) إلى أن المبدأ المتعارف عليه في مثل هذه الحالات هو مطالبة (المسافر) غير المستوفي للإجراءات بإكمالها دونما توقيف.

لذلك وبناء على تلك الإشارة اسمحوا لي بالأسئلة التالية، لماذا حدث كل ما حدث؟ ومن المسؤول عن كل تلك الربكة التي وصلت حد أن أحد (دهاقنة) إعلام وزارة الخارجية والمتحدث باسم سفارة السودان في لندن (خالد المبارك) استعار أُذنين مسدودتين بشمع كثيف أمام سؤال المذيعة (فِدا باسيل) ورفض الإجابة عن سؤالها (لماذا تم توقيف مريم بعد أن أفرج عنها القضاء، واين هي الآن) بدعوى أنه لا يسمع سؤالها جيِّداً؟ لكنها لم تيأس منه و(لبدت) له، حتى اكتشفت (من إجاباته) أنه يسمع إفادة الضيفة الأخرى جيِّداً فطوقته مُجدداً بذات السؤال وأمسكت بخِناقه حتى قال لن أفتيكِ بما لا أعلم، فبُهِتت من ردة (السكوتي المرتبك)، مع أنه كان له بالأمكان أن يتورط في ما تورط به وكيل وزارة الخارجية (عبد الله الأزرق) الذي عزا الأمر في مقابلة مع (بي بي سي) إلى أن مريم لم تكن تحمل أوراق سفر صحيحة، وكان بحوزتها أوراق ثبوتية مؤقتة صادرة عن دولة جنوب السودان وتأشيرة سفر للولايات المتحدة، مُعرباً عن اعتقاده أن السلطات ستُطلق سراحها عاجلاً واستبعد إيداعها السجن مرة أخرى.

إلى هذا الحد أربكت قضية مريم كل الجهات السودانية على مستوياتها كافة، حتى المواطن العادي ظل يتساءل عن سر (تعظيم) السُلطات للشعيرة المريمية الأبرارية إلى هذه الدرجة، أما الخارج ما جاورنا منه وما بعُد فلا زال يضع يديه على رأسه هول ما يحدث.
[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي