عندما يصبح التطوير ( مخيفاً)
:: أي إنسان، متعلماً كان أو لم يفك الخط، دائما ما يكون على قناعة بأن تطوير حياته – إقتصاديا و إجتماعيا – نحو الأفضل بحاجة إلى إحداث (تغيير ما)، ويكون هذا الإنسان على قناعة بأن هذا التغيير – في حال حدوثه – ىقد يغيير مجرى حياته إلى (الإتجاه الصحيح).. ومع ذلك، رغم قناعاته بجدوى إحداث التغيير، يظل الإنسان أسيراً لما تعود عليه، أي يخشي التغيير ويرفضه..فالعقل الباطني للإنسان دائما ما يحدثه بأن التغيير قد يفشل ويسبب له المتاعب ويجلب له إنتقاد المجتمع.. وتحت وطأة هذا التفكير السلبي، يقاوم التغيير و يُبقى على حياته – كما هي – بلا تطوير ..هكذا عقول السواد الأعظم من الناس، الرغبة في التغيير والخوف منه..!!
:: وعلى سبيل المثال.. مشروع البناء الرأسي ببعض أحياء الخرطوم العريقة، حي الديوم نموذجاً، يمر بمنعطف ( الرغبة في التغيير والخوف منه)..فكرة المشروع هي تشجيع البناء الرأسي بعد تكدس المنازل ذات المساحات الصغيرة بالأسر..فالديوم بالخرطوم كما الشعبية ومزاد بالخرطوم بحري، وكما الشهداء والعباسية والموردة بأمدرمان، حيث تم تخطيطها وتوزيعها بمساحات (200/ 300 متر مربع)، قبل خمسة عقود تقريباً.. وتشهد تلك الأحياء وغيرها زحاماً سكانياً لم تواكبه نهضة وتطوير و سعة في البناء ، ولذلك كانت فكرة البناء الرأسي كحل جذري للكثير من القضايا الإجتماعية، وكذلك لمشاكل الخدمات..!!
:: الفكرة بطرف الصندوق القومي للإسكان ، وبعد دراستها بمنطقة المايقوما، تم إختيار الديوم كأولى مناطق تنفيذ الفكرة..إزالة المنازل الحالية وتشييد عمارات بحجم خمسة طوابق، بواقع شقة أو شقتين في كل طابق حسب المساحة ( 200/ 300 متر مربع)، وبتمويل من مصارف الإدخار والنيل والعقاري التجاري، وبضمان رهن الأرض وما عليها من عمارة حتى سداد أقساط المصارف من (إيجار الشقق)..مع الإقتراح بأن الطابقين الأرضي والأول لسكن الأسرة المالكة للأرض، والطوابق الأخرى للإيجار مع تفضيل إيجارها لأفراد الأسرة وأقاربها طوال فترة التمويل ( 10 سنوات)، وبهامش تمويل سنوي ( 10%)..هكذا دراسة المشروع، وعلى أن تدير المشروع – طوال فترة التمويل – لجنة من المصارف وملاك الأرض ..!!
:: مثل هذا المشروع، في حال تنفيذه – كما يجب – بالديوم وغيرها من أحياء الخرطوم، قد يصبح نواة التغيير والتطوير في البناء.. ويساهم في حل القضايا الإجتماعية والضغط السكاني ومشاكل الخدمات، ويحد من ظاهرة الفقر، وكذلك يساهم في توفير مساحات من الاراضي بالأحياء بحيث تكون ميادين وحدائق.. فالفوائد كثيرة.. ومع ذلك، للأسف لن يجد المشروع طريقاً سهلا إلى حيث التنفيذ.. وليس هناك ما يمنع التنفيذ غير (الخوف من التغيير)، وكذلك أزمة الثقة الراسخة بين المواطن وأجهزة الدولة.. وأزمة الثقة مردها أزمة الشفافية التي تدمنها أجهزة الدولة، وكذلك الإستغلال غير الحميد لحاجة المواطن من قبل تلك الأجهزة.. ليست مشاريع توطين المتأثرين بخزان مروي فقط، بل كثيرة هي المشاريع التي إستبشر بها المواطن خيراً، ولكن بعد تنفيذها .. ( خاب الرجاء)..!!
[/JUSTIFY]الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]