عبد الجليل سليمان

“المُتنوِّع” الإسلاموي


[JUSTIFY]
“المُتنوِّع” الإسلاموي

يعد البروفيسور (حسن مكي) أحد الذين قدمتهم الحركة الإسلاموية السودانية بصفة (مفكرين)، وتحت وطأتها الثقيلة ولِّى الكثير من المناصب المهمة والحساسة في مراكز الدراسات الإستراتجية وتسنم إدارة المركز الإسلامي الأفريقي (جامعة أفريقيا العالمية)، الأمر الذي أتاح له فرصاً (ذهبية) للتعبير عن أفكاره ونشرها وتسويقها حيث فتحت له دور النشر ووسائل الإعلام (وما زالت) على مصراعيها يضخ فيها كل ما يعن له ويخطر في باله ويترجرج في عقله.

وأمس أدلى البروف للزميلة (الأخبار) بتصريحات كثيرة عنونتها تحت (الإسلاميون فشلوا في إدارة التنوع بالبلاد)، ثم رفعت العنوان عالياً خفاقاً، وهو أي العنوان (يستحق) ليس لكونه صادراً عن دُهْقان من دهاقنة الإسلاميون بل لتناقضه الشديد وانحرافه الحاد عن ما ظل يدعو إليه ويُروّج له ويعمل بكدٍّ وجهدٍ بالغين لجعله وكأنه حقيقة ماثلة، ولا أظن أن أحداً من الراصدين والمُتابعين للحركةِ السياسية والفِكرية السودانية في الثلاثة عقود الأخيرة ينسى أن (مكي) هو أول من روّج لما أسماه بالحزامِ الأسود حول الخرطوم ويقصد بذلك (معسكرات النازحين من جنوب السودان) ومدى خطورتها على أمن الخرطوميين الآخرين ربما المُتمنطقين (بزنارِاتٍ بِيضْ) أمثاله هو ورهطه.

لذلك عندما يأتي (مكي) بعد الفشل الذريع لحركته (حزبه) في إدارة البلاد ليحدثنا عن أن الصراع الدائر الآن في السودان يعود إلى عدم انتباه الحكومة للقضايا التي تعاني منها بعض المناطق كقلة المياه وانتشار السلاح وسهولة الحصول عليه (ويعني بذلك دارفور)، فإننا ينبغي أن نذكره بماضية (العريق) حيث ظل مُتواطئاً بالصمتِ إزاء ما يحدث هناك أحياناً، وظل أحايين أخرى يعزوه للخارج وفقاً لنظريةِ المؤامرة التي يُسمِّيها الإسلاميون السودانيون بالاستهداف، بينما في الجانب الآخر (المناوئي) ربما، أصدر سودانيون آخرون كُتباً ذات أثقالٍ معرفية وحُمولة فكرية تتحدث عن أسباب الحروب في السودان وتقترح لها الحلول وتُحذر من أن تشخيصها تشخيصاً خاطئاً على غرار (نظرية الحزام الأسود المكاوية)، قد يُفضي بالسودان إلى التشرذم والانهيار، وهنا أُحيل البروف (مكي) إلى كتاب الدكتور محمد سليمان (السودان.. حروب الموارد والهوية).

لذلك، فعندما يأتي (مكي) ليقول إن حركته فشلت في إدارة التنوع بالبلاد، ويتحدث عن أزمة موارد، ويحذر من مزيد من التشرذم، ويدعو إلى وفاق وحوار وطني جدي، فإننا نقول له أين كنت حين انتظرك الناس حتى الثواني الأخيرة من الشوط الإضافي الثاني؟ وماذا تفيد مقولاتك بعد أن أطلق الحكم صافرته معلناً نهاية المباراة؟

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي