والحشاش يملا شبكتو
*في حلقتين متتالتين توقفت عند تعديلات قانون الانتخابات الذي اجازه البرلمان في الاسبوع الماضي وقلت إن هذه التعديلات من حيث نصوصها البلاد في اشد الحاجة لها لانها سوف تسهم في اعادة البناء الحزبي لانها اعطت 50 % من قوة البرلمان للتمثيل النسبي والغت اي نسبة كشرط لدخول الحزب البرلمان فلو تحصل حزب واحد من كل السودان على قوة مقعد واحد سوف يدخل به البرلمان والشيء الطبيعي أن ترحب كل الاحزاب السودانية بهذا التعديل لكن للاسف كل احزاب المعارضة لم تفعل لانها لم تستشر في هذا الامر وهي اصلا مرتابة في نوايا الحزب الحاكم وازمة الثقة بينه وبينها على اشدها.
*السؤال الذي يفرض نفسه لماذا اقدم الحزب الحاكم على هذه التعديلات التي يمكن اعتبارها خصما على سيطرته الكاملة الحالية؟ قبل أن نجيب على هذا السؤال يمكن أن نقدم سؤالا فرعيا قد يساعدنا في الوصول الى الاجابة وهو لماذا اجرى الحزب هذه التعديلات بهذه الطريقة الانفرادية لا بل اجبر نوابه عليها بينما كان يمكن أن يقدمها كتنازل في حواره (المرتقب) مع الاحزاب المعارضة؟ فهذه التعديلات كان يمكن أن تكون مطلبا جوهريا للاحزاب المعارضة كان يمكن أن تطالب بعض الأحزاب بأن يكون كل السودان دائرة انتخابية واحدة اي كل الهيئة التشريعية تأتي بالتمثيل النسبي ويوافق الحزب الحاكم على 50 % ويقال له شكرا ما قصرت تب.
*يبدو لي أن الحزب الحاكم قام بهذه التعديلات كجزء من خطة لإحداث تحول في البنية الحزبية السودانية هذا الامر الذي يسعى اليه طوال ربع القرن الماضى عن طريق الاقصاء فأقصى ما انجزه انه حطم الاحزاب القائمة وجعلها كسيحة وممزقة ثم ارتدت السهام عليه فاصبح هو الآخر هزيلا معتمدا على آلية الدولة في حركاته وسكناته فلجأ الى اسلوب الاحتواء لتحقيق ذات الهدف الذي هو اعادة تشكيل البنية الحزبية لذلك عزل احزاب المعارضة عن جزرة التعديلات المشار اليها آنفا لكي تستمر في موقفها المعارض فتقاطع الانتخابات القادمة التي اخذ اصرار الحزب الحاكم يزداد كل يوم على قيامها, عليه سوف يدخل الحزب الانتخابات القادمة ومعه الاحزاب الموالية له او حتى المنشقة عنه (في الحتة دي امسكوا الخشب الراجل ظهر تاني كان كدا) ومن المؤكد انها بالقانون المعدل سوف تحصل على مقاعد مقدرة في الهيئة التشريعية وتصبح معارضة دستورية وموالية في نفس الوقت او حتى معارضة ولكن من داخل الحوش.
*فان كان ما ذهبنا اليه اعلاه من تحليل صحيحا فانه يعني أن الهدف من التعديلات في قانون الانتخابات هو اعادة تشكيل الواقع الحزبي في السودان بإقامة احزاب جديدة والتي تبدأ كأحزاب مصنوعة ثم تتطبع مع الايام وبالتالي تلغي الاحزاب القديمة او قل غير الموالية الآن فمن المؤكد أن تلك الاحزاب سوف تعارض هذا المخطط وبكل ما تملك وساعتها ندخل في لعبة (الحشاش يملا شبكتو) وهذا النوع من الحش سيكون حشا مرا وليس حش كديب -المر بضم الميم والكديب- مصطلحات خاصة بالزراعة فالحش المر هو الحشة الاولى وعادة ما يكون صعبا اما الحش الكديب فهو عبارة عن مراجعة للحش المر وقلنا سيكون حشا مرا يؤذي البلاد لان فيه تعقيدات داخلية وخارجية كثيرة ومتشابكة ومتداخلة ولك الله يا بلدي الحبيب.
حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]