عبد اللطيف البوني

اندعروا ثم انقرعوا


[JUSTIFY]
اندعروا ثم انقرعوا

رمية :-
في مرحلة من مراحل الشباب المبكرة من العمر كانت تشدني للاغنية اي اغنية- الكلمات فقد كنا في مرحلة مراهقة عمرية وفكرية ثم في فترة لاحقة كانت يشدني للاغنية اللحن والموسيقى اما الآن مع هذه الكهولة فقد اصبحت الاغنية عندي اداء فقط ولا شيء غير الاداء اصبحت الكلمات والموسيقي لا تثير في وجداني الا بمقدار بما تمنحه للمؤدي لإبراز موهبته الادائية نفس التطور حدث لي مع الصحافة فقد كنت اقرأها بحثا عن المعلومة ثم بعد أن تعاطينا الكتابة فيها اخذت ابحث في الصحافة عن الفكرة الجديدة اما الآن فأصبح الذي يشدني في قراءة المواضيع الصحفية هو المفردة المتفردة, فصيحة كانت ام دارجية او حتى افرنجية المهم تكون (متحكرة) صاح وتختزل في جوفها الكثير من المعاني وتوفر الكثير من الشروحات.
العصاية :-
المهندس الطيب مصطفى رد الله صيحته مرة اخرى كتب في العدد الوحيد الذي صدر بين الايقافين تحت عنوان (حوار الطرشان) واصفا تصديقهم كسياسيين لحكاية الحوار بأنه ليس في مكانه وللجري خلف الحوار استخدم مفردة (اندعرنا) والاندعار تعني أن تجري وبأقصى سرعة لا تألو على شيء الا الذي تود الإمساك به او الذي تهرب منه لقد كانت كلمة دارجية في موقعها تماما ولو كان استاذنا الراحل المقيم /عون الشريف قاسم قد وجدها لوضعها في قلب قاموسه الرائع (اللهجة العامية في السودان) وان جئنا للحق فإن البلاد في معظمها صدقت في حكاية الحوار الوطني فالظرف السياسي الخاص بالسودان والاوضاع الاقتصادية والحصار الدولي الذي بدأ يتفاقم لدرجة انه اصبح اقليميا وبالمناسبة الحصار الاقليمي هو الاشد خطرا والاكبر اثرا لصلته القوية بالجبهة الداخلية اضافة لذلك خطاب الحكومة الذي بدأ يتغير حيث دخلته مفردات جديدة من وثبة والناس كل الناس والاهم من كل ذلك التغيرات الكبيرة التي حدثت في كابينة القيادة التي ظلت ثابتة لربع قرن، كل هذه جعلت الكثير من الناس يرون أن الحكومة في غاية الجدية في حديثها عن الحوار لا بل ذهب البعض الى القول إن الحكومة يمكن أن تدفع ثمن ذلك الحوار حتى ولو كان ذلك الثمن أن تفني نفسها في برنامج وطني عام فكان الاندعار.
الآن الواضح أن موقف الحكومة قد بدأ يتغير وان جئنا للحق فإن الحكومة كانت حتى ايام الاندعار تحذر الناس من الافراط في التفاؤل كما جاءت في لاءات بورتسودان والتي اهمها لا لحكومة انتقالية او قومية ففهم الناس أن هناك اختلافا داخل الحزب الحاكم حول الحوار ومداه ثم جاء خطاب رئيس الجمهورية ورئيس الحزب الحاكم امام مجلس الشورى والذي اوضح فيه أن موعد الانتخابات خط احمر لا يحق لأي عضو من اعضاء الحزب أن يتحدث فيه وتوج ذلك بالتعديلات في قانون الانتخابات الذي اجازه البرلمان مؤخرا فأصبحت نية الحزب الحاكم تجاه الحوار اكثر وضوحا لذلك توقفت كافة اشكال الاندعار تجاه الحوار من خارج الحكومة .
كسرة :-
يبدو لي أن الحكاية لم تكن جامدة انما كانت متحركة ففي لحظة ما كان هناك توجه جاد نحو الحوار ولكن هناك متغيرات محلية واقليمية غيرت الظروف المجبرة على الحوار فزيارة السيسي وداعش ودامس وزيارة البشير اليوم لقطر يمكن أن تفك شفرة اهم هذه المتغيرات لذلك كان حريا بالذين اندعروا نحو الحوار أن ينقرعوا حلوة ينقرعوا دي مش – ؟

[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]