جمال علي حسن

حول متلازمة الحوار.. والنار


[JUSTIFY]
حول متلازمة الحوار.. والنار

قرار الحوار أو مبادرته التي طرحها رئيس الجمهورية قبل أن تصلي عليها الكثير من القوى السياسية صلاة الغائب، كنا ندرك أن المبادرة في توقيتها المعلن ومع تنشيط المعارضة المسلحة لعملها كانت قراراً صعباً على الحكومة الالتزام بتفاصيله التي أعلنت عنها.. هذا هو الواقع.

بل كانت رؤية بعض المحللين أن الضغط الاقتصادي والأمني الذي تعيشه الإنقاذ لم يكن يسمح لها بتقديم تنازلات سياسية كبيرة في موضوع الحريات قبل إنجاز مرحلة الحوار.

لأن فتح مجالات التعبير السياسي وحرية الممارسة السياسية بالشكل النموذجي يعني وجوب حلحلة (صواميل) القبضة الأمنية في ظل ضغوط وأزمات يعانيها المواطن مما يجعل من الممكن أن تندلع ثورة تختلط فيها أجندة ثورة الإصلاح بأجندة ثورة السلاح..

وبالفعل لم تتحمل الحكومة تقديم كل الذي وعدت به من تهيئة مطلوبة في المناخ العام قبل بداية الحوار وهذا هو الذي جعل الكثير من الأطراف المتجاوبة مع مبادرة الحوار تتردد لاحقاً وتنسحب أو تهدد بالانسحاب..

الحسابات السياسية والقرارات السياسية في ظل أوضاع الحرب من المؤكد أنها تخضع للمعيار الأمني والعسكري والذي يتسبب قراره دائماً في تأزيم الثقة بين الأطراف السياسية المتوافقة.

الخطأ في تقديري بدأ بالإعلان عن قرارات بحجم القرارات الأربعة يقول الواقع العام في البلاد إنه من الصعب الالتزام بها قبل إيقاف الحرب.

الخطأ أن الإنقاذ أرادت أن تجمد الإجراءات الاستثنائية في التوقيت الذي احتاجت فيه لتلك الإجراءات بالضبط.

التوقيت الأمني الحساس جداً جعل الحابل السياسي يختلط بالنابل الأمني في ذهن النظام الحاكم وحين يختلط الحابل بالنابل تضيع كل الأوراق.

الآن الإصرار على مواصلة مشروع الحوار أو مبادرته قبل عقد اجتماعات شفافة لتقييم وتقويم تجربة الشهور الماضية منذ إعلان المبادرة وحتى الآن، هو إصرار على تحريك عربة معطوبة العجلات وجرها بالقوة بما يثير المزيد من الغبار الذي يلوث محيطها.

كونوا أكثر واقعية وشفافية واجتمعوا في مائدة مستديرة ثانية تكاشفوا فيها بوضوح تام ولتقدم الحكومة تبريراتها لما حدث منذ اجتماع المائدة وحتى الآن ولتقدم القوى المعارضة دفوعاتها عن الاتهام بتجاوز الخط الأحمر وتقدم أفكارها للاتفاق داخل القاعة المستديرة نفسها على ميثاق دستوري مؤقت وطارئ ينظم المرحلة القادمة ويضع أسساً ومبادئ واضحة تكون كل الأطراف ملزمة بها.

فمن ناحية الحكومة فإن المطلوب أن تحدد موجبات استخدام الإجراءات الاستثنائية إذا كان لابد منها بما يتوافق عليه الجميع، إذ أن الجيش ومعاركه ودوره وهيبته ومساندته هي خطوط حمراء للدولة ولا يجب المساس بها أثناء ممارسة العمل السياسي.

وفي المقابل، فإن الحريات الصحفية وحرية العمل السياسي هي أيضاً مكتسبات وحقوق تمثل خطاً أحمر تلتزم الحكومة بعدم مصادرته أو المساس به.

لا أعتقد أن أبواب التوافق الآن مغلقة تماماً، لكن المؤكد بالنسبة لي أن هناك مسافة فاصلة بين خطاب وممارسات الحكومة وبين خطاب وممارسات القوى السياسية في الساحة، وأن تقريب تلك المساحة ليس ممكناً فقط، بل هو شرط وحيد لتحقيق النجاح في عملية الحوار.

لا بديل للحوار الوطني ولا داعي لتضييع الوقت لا من جانب الحكومة ولا من جانب القوى السياسية الأخرى.

شوكة كرامة:

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي