الطاهر ساتي

جلوس .. قيام.. تخدير


[JUSTIFY]
جلوس .. قيام.. تخدير

:: كتبت قبل نصف عام تقريباً ، نقلاً عن أحد الحكماء، بأن اﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ هي ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﺪﻳﻚ ﺑﻘﺮﺗﺎﻥ وﺗﻌﻄﻲ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻟﺠﺎﺭﻙ، واﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ هي ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﺪﻳﻚ ﺑﻘﺮﺗﺎﻥ وﺘﺄﺧﺬهما الحكومة ﻭﺗﻤﻨﺤﻚ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻠﺒﻦ مجاناً، وﺍﻟﻔﺎﺷﻴﺔ هي ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﺪﻳﻚ ﺑﻘﺮﺗﺎﻥ وﺘﺄﺧﺬهما الحكومة ﻭﺗﺒﻴﻊ ﻟﻚ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻠﺒﻦ، وﺍﻟﻨﺎﺯﻳﺔ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﺪﻳﻚ ﺑﻘﺮﺗﺎﻥ وﺘﺄﺧﺬهما ﻭﺗُحرَم عليك لبنهما، واﻟﺮﺃﺳﻤﺎﻟﻴﺔ هي ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﺪﻳﻚ ﺑﻘﺮﺗﺎﻥ ﻓﺘﺒ ﻴﻊ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﺗشتري ﺛﻮﺭًﺍ وﻳﻨﻤﻮ ﺍﻟﻘﻄﻴﻊ ثم ﺗﺘﻘﺎﻋﺪ ﻣﻌﺘﻤﺪًﺍ ﻋﻠﻰ عائد ألبان القطيع..أما السياسة الإقتصادية لحكومته هذه، فهي تعني ﺍﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﺪﻳﻚ ﺑﻘﺮﺗﺎﻥ وتصادرهما الحكومة وتتبرع بإحداها للصومال والأخرى لقطاع غزة، ثم ( تحلبك إنت)..!!

:: وكانت القضية يومئذ هي تخريب قطاع الطيران وتدمير شركاته.. نعم، شركة تلو الأخرى، خرجت من سوق العمل حتى بلغ حجم الشركات التي أوصدت أبوابها وتخلصت من طائراتها وشردت عمالتها خلال الثلاث السنوات الأخيرة ( 9 شركات)، و كانت شركة مارسيلاند هي الأخيرة..رسوم البص في كل رحلة داخلية (100 دولار)، وفي كل رحلة عالمية (250 دولار)، علماً أن هذا البص لايحل محل الطائرة في التحليق، بل يوصل الراكب من الصالة إلى مدرج الطائرة..فالمسافة تقاس بالأمتار، ولكن الرسوم بالدولار ..رسوم الهبوط على مطارات السودان – وليس مطار هيثرو – في كل رحلة محلية ( 4000 جنيه)، وفي كل رحلة عالمية ( 5000 دولار)..رسوم المسارات ( 1.200.000 جنيه)، رسوم الشبكة الإلكترونية ( دولار على كل راكب)..!!

:: و..رسوم الترخيص ( 50 مليون جنيه)، رسوم البيئة (10 مليون جنيه)، وتلك تختلف عن رسوم النفايات ( 300 جنيه).. ورسوم الخدمات (100 مليون جنيه)، رسوم بطاقة العامل (175 جنيه)، ضريبة القيمة المضافة في كل تذكرة محلية (17%)، وفي كل تذكرة عالمية (10%)، وضريبة الدمغة (1%)، وكذلك ضريبة أرباح الأعمال غير المعمول بها في دول العالم.. ثم الطامة الكبرى المسماة بالوقود.. وهناك رسوم دخول للمطار، ورسوم المواقف وغيرها التي لاتحصى ولاتعد..ثم الرسوم الجمركية المفروضة على الاطارات وقطع الغيار، و قيمتها تعادل (100%)، علما أن كل دول الجوار تعفي قطع غيار الطائرات من الرسوم الجمركية في إطار تشجيع الشركاتها الوطنية التي تساهم في إستقرار المجتمع..!!

:: وعلى سبيل المثال، متوسط تكاليف رحلة طائرة من مطار الخرطوم إلى مطار نيالا يساوي ( 150 مليون جنيه)، وأكثر من نصف هذه التكاليف ( قيمة الوقود)..ولذلك، أوقفت معظم الشركات رحلاتها الداخلية..و( قريباً جداً)، ستكون ولايات دارفور خارج شبكة الطيران..هذه الرسوم والضرائب مدمرة، وهي التي دمرت ( 9 شركات وطنية )..و في قائمة إنهيار قطاع الطيران – بعد ميرسلاند والسبع السابقات – شركات أخرى مرتقبة، فالإنهيار الكامل ( مسألة وقت)..هكذا كان التحذير قبل نصف عام..ولم يجد آذانا صاغية بالأجهزة التشريعية والتنفيذية..ربما لعزل دارفور وأهلها عن بقية ولايات السودان، إذ هم الذين يعتمدون كلياً على الطيران ..!!

:: وأخيراً، الخميس الفائت، يُفسر سالم الصافي – رئيس اللجنة الإقتصادية بالبرلمان -الماء بعد الجهد بالماء، ويكتشف (العجلة).. يتحدث الصافي – يادوب – عن مخاطر الرسوم والأتاوات وأسعار الوقود على قطاع النقل وشركات الطيران..ثم يعد شركات الطيران – الآيلة للإنهيار – بالجلوس مع وزارة المالية وبنك السودان لإنقاذ ما يمكن إنقاذها من الشركات..نعم، بعد فناء تسع شركات يعدهم البرلمان بالجلوس مع المالية والبنك لحل الأزمة..إنها مجرد وعود حتى يكتمل الدمار..أي لحين الجلوس والقيام وإيجاد الحلول بعد عمر طويل، لن يجدوا شركة تستفيد من ( جلوسهم و قيامهم و حلولهم)..!!
[/JUSTIFY]

الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]