عبد اللطيف البوني

المشجب الجاهز

[ALIGN=CENTER]المشجب الجاهز[/ALIGN] الأمر المعروف ان الشراكة القائمة بين الوطني والشعبية لم يكن سببها تقارباً في البرامج ولا لوجود علاقة اجتماعية بينهما ولا لبوادر (قصة حب)، انما قامت لانهاء حرب هلكت الحرث والنسل في البلاد وكان الطرفان الاكثر تضررا منها، هذا مع وجود ضغوط خارجية لانهاء الحرب وبأي ثمن فبعد التعارف الطيب بين المتفاوضين في منتجع نيفاشا الجميل حيث القرنتية الضخمة وكان المؤمل ان يكون توقيع الاتفاقية طياً لصفحة قديمة وفتح لصفحة جديدة، (فالحب بعد العداوة وارد والحب بعد الزواج وارد كذلك) وعلى أسوأ الفروض كنا نظن ان يلتزم كل طرف بما يليه وبالتفصيل الممل الوارد في الاتفاقية ولا يفرط في حقوقه ولا يتعدى على حقوق الآخر و(انما تأسى على الحب النساء).
الذي بدا لنا الآن ان هناك سوء نية لدى الطرفين من (قولة تيت) وانهما دخلا الاتفاقية بسياسة (قطع الفرقة) بفتح الفاء والراء أي ان أي طرف يريد ان يمضي مشوارا بصاحبه ثم يرميه أو يلتهمه اذا امكن، فالمؤتمر سعى لإغراق الحركة في ملذات الحكم والاستقطاب والتشرذم كما حدث مع الذين من قبلها، بينما الحركة تريد ان تقوض سلطة المؤتمر من الداخل وذلك باستلام الجنوب وخلخلة الشمال وبالتالي تحولت الشراكة في معظم اوقاتها الى صراع حاد قد يتجاوز الملاسنة الى (الملابعة).
دعونا نتوقف عند آخر محطة من محطات الخلاف هذه وهي اثناء مناقشة القانون الجنائي حدث سوء فهم داخل اروقة البرلمان بين، غازي صلاح الدين وياسر عرمان انتقل الى خارج البرلمان واحدث شروخاً اجتماعية لم يكن هناك داع لها مما اضطر غازي لكتابة مقالة في الصحف السيارة لتدارك الامر، ولكن ذات غازي قال في ملتقى الاعلاميين بالخارج ان الجنوب يعيش فوضى ادارية وحروباً قبلية وفساداً مالياً، بدليل ان الحركة استلمت ستة مليارات دولار عبارة عن حصتها من البترول، فرد عليه باقان اموم متسائلا عن اربعين ملياراً استلمها الوطني الحاكم في الخرطوم ثم اعاد الشكوك الى عقودات البترول وكل ما يتعلق به.
لا شك ان هذا منهج بائس في الدفاع عن النفس لانه يقوم فكرة، نعم انا فاسد ولكن أنت ايضا فاسد بطريقة (أنت أفسد لي وأنا افسد ليك) مع الاعتذار لعبيد عبد الرحمن (انت اكتب لي وانا اكتب ليك) او(زي فسادك عاوز أفسد) مع الاعتذار لفضل الله محمد في الجريدة (زي عنادك عاوز اعاند).
هاتان الملاسنتان الاخيرتان اشاعتا طقساً من الارهاب وبنية تحتية للعنف المادي وتكفي الاشارة لحادثة اركويت وياسر عرمان، ان خطورة مثل هذا المناخ انه يعطي فرصة ذهبية لاي متربص بأمن البلاد عامة والعاصمة خاصة انه يفعل ما يريد طالما ان المشجب اصبح جاهزا لتعليق أي شئ عليه، فالحذر يجب ان يبلغ مداه وعلى العقلاء في الجانبين تدارك وبحث هذا الامر من جذوره وليس من نتائجه ونوجه النداء بصفة اخص للمؤتمر الوطني لانه صاحب النصيب الاكبر في السلطة فبالتالي سيكون صاحب النصيب الاكبر في النتائج سلباً كانت ام ايجاباً.
من افرازات التوتر بين الشريكين ما بدا يلوح في الافق من تحالفات جديدة، فالحركة زادت من تفاهمها مع حزب الامة وتسعى لعودة التجمع القديم، مضافاً اليه الترابي، المؤتمر الوطني يسعى لإقامة حركة شعبية ضراراً للحركة الشعبية الام وكل هذا يدخل في باب الضرب تحت الحزام، وغداً ان شاء الله لدينا نظرة على هذه التحالفات المصابة بشلل ارتعاشي (حمانا الله وإياكم).

صحيفة الرأي العام – حاطب ليل
العدد(22691) بتاريخ 27/5/2009)
aalbony@yahoo.com