مؤتمر تعليم الشرق .. إلزامية ومجانية التعليم وتحسين أوضاع المعلمين
وسط حضور جماهيرى كبير من مختلف قيادات العمل السياسى والشعبى والتنفيذى والتشريعى وقيادات منظمات العمل الطوعى الوطنى والاجنبى والمهتمين بالتعليم وغياب ولاة الولايات الشرق الثلاث، انطلقت فعاليات مؤتمر قضايا التعليم بولايات الشرق الثلاث بدار الشرطة بالخرطوم تحت شعار التعليم لاستدامة السلام والوحدة والتنمية، ولقد ناقش المؤتمر العديد من الاوراق العلمية المتخصصة فى مجال التعليم بواسطة خبراء ومختصين فى ذات المجال.
ابتدر الحديث امام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر رئيس اللجنة التمهيدية للمؤتمر وزير التربية والتعليم بولاية القضارف بشير سهل جمعة معبرا عن شكره وتقديره لكل من ساهم ودعم لانجاح المؤتمر الذى يعتبر بمثابة خطوة جادة لمناقشة هموم وقضايا التعليم واخذ رأي الخبراء والمتخصصين فى ذات المجال لايجاد حلول علمية ومنهجية من اجل حل مشاكل التعليم .
وفى الاطار ذاته حذر ممثل منظمة اليونسيف نيلس كاسبيرج لدى مخاطبته الحضور من خطورة ظاهرة موت الاطفال فى اعمار مبكرة بسبب تفشى الامراض، وتابع نيلس بقوله لدينا احصائيات دقيقة تؤكد ذلك حيث يموت سنويا من الاطفال 310000 طفل ومن النساء 35000 امرأة، وطالب نيلس الحكومة باتخاذ خطوات جادة ومدروسة من اجل محاربة هذه الظاهرة وتابع نيلس ان الاستثمار فى العقول افضل وافيدللمجتمع من الاستثمارات الاخرى، واكد نيلس على التعاون الجاد مع الحكومة من اجل التعليم
وفى المنحى ذاته ، تحدث ممثل ولاة الشرق وزير التربية والتعليم بولاية كسلا محمد حمدابوسن امام الحضور مبديا اعتذاره لغياب الولاة من حضور فعاليات المؤتمر لبعض الظروف الانسانية القاهرة التى حالت دون حضورهم ، مؤكدا على اهتمامهم بالمؤتمر وخير دليل علي اهتماهم ايفادهم لوزراء التربية واركان حربهم، واضاف ابوسن ان المؤتمر فرصة وسانحة هامة للاستماع لرأي المختصين حول مشاكل التعليم وكيفية معالجتها .
وفى الاتجاه ذاته ، تحدث وزير التعليم العام د.حامد محمد ابراهيم، مؤكدا على اهمية انعقاد المؤتمر، وتابع حامد ، انه كان من المفترض ان يعقد هذا المؤتمر فى احدى ولايات الشرق كما كان مرتبا له، ولكن حالت بعض الظروف دون قيامه هناك فقررنا قيامه فى الخرطوم ، واننا نؤكد على اهتمام الدولة بامر التعليم.
وفى ختام الجلسة الافتتاحية تحدث مساعد رئيس الجمهورية موسى محمد أحمد امام الحضور مؤكدا على اهمية التعليم ومايلعبه من دور فى دفع عجلة التطور الى الامام، واضاف موسى لاهمية التعليم افردت اتفاقية اسمرا حيزا كبيرا لامر التعليم، وتابع موسى ان التعليم يعاني من مشاكل متعددة منها على سبيل الذكر وليس الحصر قلة التمويل المتوفر للعملية التعليمية بالاضافة للوضع الاقتصادى للمعلم والذى لايتناسب مع الجهد الذى يقوم به ،والمهمة التى تقع على عاتقه الى جانب تسييس اتحادات ونقابات المعلمين ، صرفت هذه المنظمات المدنية والمجتمعية من القيام بدورها المطلوب.
وعقب الجلسة الافتتاحية شرع المؤتمرون مباشرة فى مناقشة الاوراق حيث قدم د.الطاهر حسن الطاهر ورقة بعنوان موجهات الاستراتيجية للخطة الخمسية 2007 – 2011 والتى تناولت السياسات العامة للتعليم والتى تمثلت فى اتاحة فرص التعليم سعيا نحو تحقيق التوازن فى فرصه بين الولايات والفئات، ومن ثم تعميمه والزاميته واعتماد التخطيط التربوى الاستراتيجى لتطوير قاعدة البيانات التربوية واعمال الامتحانات والتقويم التربوى وترقية نوعية التعليم بتوفير المدخلات وتحسين البيئة المدرسية وتجويد الاداء الى جانب تأمين فرص التعليم للفئات الخاصة والفئات المتأثرة بالحروب والنزاعات والذين فاتهم قطار التعليم من الكبار ومن هم فى سن التعليم العام ، وتناولت هذه الورقة تحليل الوضع التعليمى من واقع الاحصائيات التعليمية لعام 2007 – 2008 حيث بلغ عدد المؤسسات التعليمية فى مرحلة التعليم قبل المدرسى 11640 ، كما بلغ معدل الاستيعاب الظاهرى لمرحلة التعليم قبل المدرسى للفئة العمرية من 4 الى 5 سنوات 226 فى المائة للبنات 726 فى المائة للبنين ، وبلغت نسبة القبول الظاهرى لمرحلة تعليم الاساس للاطفال عمر 6سنوات 70.1% للجنسين 64.8% للبنات و75.4 للبنين، وتتفاوت هذه النسب بين الولايات اذ يتراوح بين 97% فى ولاية الخرطوم الى51.7 فى ولاية جنوب كردفان، بينما تقل هذه النسبة فى الولايات الجنوبية وبلغت نسبة الاستيعاب الظاهرى لمرحلة التعليم الاساسى للاطفال عمر 6 الى 12 سنة 68.7% للجنسين 63.4% للبنات و73.9%للبنين ، وتتفاوت هذه النسب بين الولايات اذ يتراوح بين 91.8%الى 50.3%فى الولايات الشمالية بينما تقل هذه النسبة فى الولايات الجنوبية وبلغت اعداد المستوعبين 5253117 للجنسين منهم 2424818بنات و282899بنين، وبلغت اعداد المعلمين 155023 للجنسين يعملون فى 18095مدرسة ونسبة المعلمين المدربين لهذه المرحلة 61.0%.
وفى الاتجاه ذاته ، تقدمت ولاية البحر الاحمر بورقة عن واقع التعليم بالولاية وامتدحت الورقة تجربة الغذاء مقابل التعليم التى نفذتها الولاية فى كافة مدارس الريف ومن خلال ماتناولته الورقة من احصائيات وارقام تؤكد نجاح التجربة بالرغم من حداثتها ، وقدم مقدم الورقة نائب مدير عام وزارة التربية والتعليم بالولاية المكلف أحمد عثمان تيتا، وتناولت الورقة اهمية التعليم الفنى وشخصت اسباب عدم رغبة الطلاب فى هذا المساق ، وتمثلت مشاكل التعليم الفنى على حسب الورقة عدم تكوين المجلس القومى للتعليم الفنى بالولاية وهو الجسم الذى يضع الاستراتيجيات والخطط والبرامج المطلوبة وفقا للاحتياجات ، التأخر فى اجازة قانون التعليم الفنى المقترح وعدم مواكبة المناهج لمتطلبات سوق العمل واحتياجات التنمية وارتفاع تكلفة التشغيل للمدارس الفنية وندرة المواد الخام لتدريب الطلاب وضعف الميزانية المصدقة والتعثر فيما هو مصدق منها، واشارت الورقة الي مجهودات حكومة ولاية البحر الاحمر فى تحسين البيئة المدرسية المتمثلة فى توفير الاجلاس لكافة الطلاب وصيانة وتأهيل المدارس وتوفير الكتاب المدرسى.
وفى المنحى ذاته ، قدمت ولاية القضارف ورقة بعنوان التعليم فى ولاية القضارف الواقع والمأمول تناولت وضع التعليم ومن خلال دراسة قدمها الخبير التربوى د.معتصم أحمدموسى فى مختلف مراحل التعليم واستخدمت الدراسة المؤشرات العامة التى تعتمدها وزارة التعليم العام الاتحادية فى تقاريرها الرسمية لتقدير الحالة الراهنة للتعليم بولاية القضارف ، وخلصت الدراسة لعدة نتائج منها وجود فروق ذات دلالة فى فرص الاستيعاب بالتعليم الاساسى بين المركز والاقليم الشرقى 59.8%تجاوزت ال6%لصالح المركز 66.2%وبين ولايات الشرق بنسبة تجاوزت ال20%لصالح القضارف 70%مقارنة فى كسلا 46%الى جانب وجود فروق واضحة فى الاستيعاب بالتعليم الثانوى بين محليات الولاية الواحدة، ففى ولاية القضارف تجاوزت الفروق نسبة 30%حيث يدرس نصف طلاب الولاية تقريبا فى بلدية القضارف بنسبة 45%من اجمالى طلاب الولاية و22%من محليتى الفاو والقلابات الغربية بينما يدرس الباقون فى سبع محليات تشكل 60% من سكان الولاية فبينما تتساوى فرص الفاو والقلابات الغربية مع معيار نسبة سكان المحلية الى اجمالى سكان الولاية 1.8مليون نسمة تجد ان بلدية القضارف تأخذ اكثر من ضعف الفرص على معيار السكان الى جانب وجود عدم اتساق فى متوسط الاستيعاب بين المراحل التعليمية بولاية القضارف تتراوح من 25%فى مرحلتى التعليم الثانوى والتعليم قبل المدرسى الى 70%فى التعليم الاساسى الى جانب معاناة المؤسسات التعليمية فى تعليم الخلاوى والتعليم قبل المدرسى من الاهمال فى جوانب الاشراف التربوى والتأهيل والتدريب والتمويل وتدنى نسبة تعليم البنات فى التعليم الاساسى بولاية القضارف وهى 0.78مقارنة بالمتوسط الاتحادى البالغ 0.83بفروق واضحة بين ولايات السودان حيث تأتى القضارف فى المرتبة 11 التى تليها سبع مراتب لكل من ولايات جنوب كردفان وجنوب دارفور والنيل الازرق وولاية كسلا التى تأتى فى المرتبة الاخيرة بنسبة 0.66
وفى الاطار ذاته ، قدمت ولاية كسلا ورقة عن وضع التعليم شرحت وضع التعليم فى الولاية، ووفقا للورقة فان ولاية كسلا من الولايات التى تشهد تدنيا فى الخدمات التعليمية حيث نجد نسبة القبول بالولاية تبلغ 68.8%مقارنة بنسبة الاستيعاب بمرحلة الاساس بالولاية والتى تبلغ 48.8وهى ادنى من المعدل القومى الذى يبلغ 60%وهذه النسبة تختلف من محلية الى اخرى الى جانب تأثير العادات والتقاليد والسلوك والثقافة تؤثر بشكل سالب على تعليم البنات حيث تبلغ نسبة استيعاب البنات 36.5%فقط، واشارت الورقة الى خطورة ارتفاع معدلات الفقر وعدم الوعى لدى الاباء الدور الاكبر فى ظاهرة التسرب من المدارس والتى تبلغ 12.4%على مستوى الولاية ولكن فى بعض المحليات والقرى والارياف تصل النسبة الى 100%واما نسبة النجاح فى امتحان شهادة الاساس فقد بلغت هذا العام 64%وهى اقل بنسبة10% من العام السابق، وهذا التدنى فى النسب المذكورة نتج للعديد من الاسباب منها تدريب المعلمين ، المناهج، البيئة المدرسية ، الحرب، والنزوح، وتناولت ورقة ملخص تقرير نصف المدى للتعليم للجميع 2000 الى 2007 اعلان داكار البنية الاقتصادية بالبلاد حيث يقدر معدل نمو الناتج المحلى 46% عام 2006 نتيجة لدخول البترول فى هيكل الانتاج مع الزيادة فى انتاجية وارتفاع اسعاره العالمية وتطورت اسهاماته فى الناتج المحلى الاجمالى لتصل الى 61.5%حيث بلغ معدل التضخم لذات العام 6.5% يمثل القطاع الزراعى 42.2 من الناتج المحلى الاجمالى لعام 2006 كما يساهم القطاع الصناعى بنسبة 26.6%فى نفس الفترة ويساهم ايضا القطاع الخدمى بنسبة 31.3%حيث شهد قطاع الانتاج الحيوانى نموا مضطردا حيث بلغ عدد الانعام 138.2مليون رأس فى عام 2006 ، وتناولت ذات الورقة اهداف خطة التعليم للجميع فى منتصف المدة والتى تمثلت في توسيع وتحسين الرعاية والتعليم الشاملين فى مرحلة الطفولة المبكرة وبتركيز على الاطفال الاكثر عرضة للمخاطر والاشد حرمانا وهم فى السياق الوطنى يمثلون اطفال الرحل والاطفال ذوى الاحتياجات الخاصة والاطفال المتأثرين بالحروب والكوارث الطبيعية للوصول الى 35%عام 2007 الى جانب ضمان توفير مجانية والزامية التعليم الاساسى لجميع الاطفال فى الفئة العمرية من 6الى 13 سنة وبتركيز خاص على البنات والاطفال فى الظروف الصعبة بحيث يتم القبول 90% من الاطفال عمر 6سنوات بحلول عام 2007 وصولا الى معدلات استيعاب 72.5% .
وعقب نقاش مستفيض من قبل المؤتمرين خلص منظمو المؤتمر الي تقسيم المؤتمرين الى عدة لجان لصياغة التوصيات النهائية والتى تمثلت فى العديد من التوصيات نذكر منها على سبيل الذكر ليس الحصر فك الوظائف الشاغرة وملؤها بالمعلمين لسد النقص الى جانب تحسين اوضاع المعلمين الاقتصادية وتعيين حملة الشهادات الثانوية فى وظائف التعليم وانشاء مجلس تنسيق لتأهيل وتدريب المعلمين الاسراع بعقد مؤتمر للمانحين لتوفير الدعم المالى ومجانية والزامية التعليم، واعلن نائب رئيس الجمهورية لدى مخاطبته الجلسة الختامية للمؤتمر عن التزامه بتنفيذ التوصيات ووجه بوضع التوصيات فى جدول زمنى محدد لسهولة تنفيذها، واضاف سنبذل قصارى جهدنا فى توفير الدعم المالى من الحكومة والمنظمات الخارجية لضمان استقرار التعيلم ، وامتدح دور اهل الشرق فى التعليم، وان التاريخ يشهد بذلك، واضاف ان اتفاقية اسمرا حققت الامن والاستقرار، وجنينا ثمارها على ارض الواقع.
محمدعثمان بابكر ادريس :الصحافة