عبد اللطيف البوني
أي قوس قزح؟
المؤتمر الوطني من جانبه يسعى (لطربقة) الجنوب فوق رأس الحركة مثلما تسعى الحركة لطربقة الشمال فوق رأس المؤتمر وحاصل الجمع سيكون (طربقة كل السودان فوق رأس كل السودانيين) سيكون المؤتمر تجمعاً مناهضاً لتجمع جوبا وان خلا من الرموز الا انه ستكون له المقدرة على الضرب تحت الحزام مستفيداً من آلة الدولة، تجمع جوبا لن يكون في ألوان قوس قزح الجميلة انما سيكون تجمع ناقمين متباينين يحمل في جوفه تناقضاته وبذور فنائه، ولكنه قد ينجح في عرقلة قيام الانتخابات لأن طبيعته السلبية سوف تجعله ينجح في الاعمال السلبية فقط، الحركة ستكون في حالة توهان بين المعارضة والحكومة وقد تتسرع باعلان انفصال الجنوب و(تفك الجماعة عكس الهوا).التحركات أعلاه تشير الى ان البلاد مقدمة على أزمة سياسية كي تتوج الأزمات القائمة الآن على الصعد كافة، فالخروج من هذا المأزق يكمن في مراجعة العلاقة القائمة الآن بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لأنهما الحاكمان الفعليان للسودان، ليس المطلوب منهما ان يتحابا ويتبادلا القبل بل ان يكونا واقعيين، فالاقدار وضعت مصير البلاد بين ايديهما وهذا يبدأ بمراجعة العلاقة التي قامت على التباغض و(المكاجرة) بينهما منذ ان اقتسما السلطة او بالاحرى اقتسما البلاد.
المؤتمر لا يريد ان يدرك اهمية الحركة الشعبية ومدى فاعليتها كحزب مسلح ومدني في نفس الوقت استطاع ان يتمدد شمالاً بما لم يسبقه عليها حزب سوداني من قبل، والتعامل العقلاني معها يمكن ان يكون ترياقا للوحدة، الحركة من جانبها لم تدرك ان محاولة ركوب اكثر من سرج سوف يسقطها، عليها ان تعلن موقفها من الوحدة منذ الآن، فمن غير المعقول ان تقول انها سوف تكتسح الانتخابات في 2010م لينفصل الجنوب في 2011م من غير المعقول ان تنادي بسودان جديد وتتحالف مع عناصر اقدم سودان.
أي اصلاح لذات البين بين الشريكين لابد ان يبدأ بوقف التراشق الاعلامي القائم بينهما، فالحرب الاعلامية هي التي اوردت تلك العلاقة مورد التهلكة لانها تذهب بالاحترام وتشيع الكلمة الحارقة والمدمرة بينما يقول المثل (الكلمة الطيبة بخور الباطن) وهنا يقع العبء على المؤتمر الوطني لانه المسيطر على الآلة الاعلامية الداخلية وقد نالت رموز الحركة الكثير من هذا الاعلام. اذا توقفت الحرب الاعلامية يمكن بعد ذلك مراجعة سير الاتفاقية ونقاط الخلاف وانشاء مصفوفة جديدة لما تبقى من الفترة الانتقالية او حتى تمطيط الفترة الانتقالية ان كان في ذلك ما يفيد البلاد والعباد. أكاد اجزم بأن الازمة بين الشريكين أزمة ثقة سببها أزمة لغة، فمن فضلكم انزلوا الناس منازلهم وعاملوهم بما يستحقون من مكانة وسوف تجدون منهم ما يسركم (فالبوم هو الذي يعجبه الخراب).
صحيفة الرأي العام – حاطب ليل
العدد(22691) بتاريخ 28/5/2009)
aalbony@yahoo.com