الطاهر ساتي

نعم … بقاع الوطن أولاً ..!!

[ALIGN=CENTER]نعم … بقاع الوطن أولاً ..!! [/ALIGN] ** فليكن السودان أولا .. أو هكذا عرضت تجربة مدارس خاصة نظمت معسكرا صيفيا لتلاميذ الأساس بماليزيا للنقاش ، وأحسب أن عنوان الزاوية يكفي توضيحا لمضمونها ، حيث لم يكن الرأي رفضا للرحلات الخارجية ولاتحفظا عليها ، بل كان مقترحا فحواه يطالب ولاة الأمر – فى تلك المدارس وغيرها – بتعريف الطفل بوطنه وثقافاته أولا ، وفيما بعد – في المرحلة الثانوية وما تليها – يجب تعريفهم بأوطان الآخرين وثقافاتهم ..أي : الرحلة المناسبة فى العمر المناسب ..وذلك ل …. عفواً ، ندع الأسباب تذكر بلسان أهل مكة ، فهم أدرى بشعابها ، فأهلا بالبروفيسور علي عبد الله علي معقبا ومضيفا .. إليكم : نص رسالته ..!!
** الأخ : الطاهر .. «لقد أطلعت على ماكتبته بتاريخ السابع والعشرين من مايو ، تحت عنوان : فليكن السودان أولا ..والخاص برحلة صيفية لطلبة مدرسة خاصة إلي ماليزيا .. تذكرت في هذا الخصوص السياسة الاستعمارية في عهد الحكم البريطاني ، حيث كانت تلزم خريج جامعة السودان في ذلك الزمان بزيارة كل بقاع السودان لمدة ستة أشهر ، وذلك قبل أن يجلس على مكتبه أو يستلم عمله ، وكان عليه استقلال كل وسائل النقل المتاحة ليصل كل مناطق السودان المختلفة ، وكان يتلقاه مفتش المركز ويحوله الى مفتش مركز آخر وهكذا حتى يعود الى الخرطوم وفى معيته تقرير واف بكل ملاحظاته المكتوبة بلغة انجليزية ..!!
** وحكى لى أستاذنا محمد المكاوي مصطفى ، مد الله في أيامه ، ذات يوم قائلا بانه كان يعتقد أن البريطانيين كانوا يحاولون إذلالهم بمثل هذه الرحلات المرهقة ، ولكن بعد أن ترك العمل الرسمى في الدولة اكتشف بان تلك الرحلات ذات الستة أشهر كانت هى الأكثر فائدة للعمل ..ثم أضاف : ان الادارة الأجنبية كانت تهدف بالرحلات الداخلية إلى أن يكون الموظف – الذي يجلس فى كرسيه بالخرطوم – ملما بصورة شاملة بكل بقاع الوطن وطبيعتها حتى يمكنه اتخاذ القرار السليم فى أي مشكل بناء على معرفته بحقيقة الأوضاع ..!!
** هذا التقليد العقلانى – أخى الطاهر- ذهب الي غير رجعة بعد أن تولينا أمورنا بعد الاستقلال ..ولاعجب إن فشلت معظم خططنا الانمائية فيما بعد وحتى الآن ، لأن معظم الذين يعدونها يكونون موظفين لم يبتعدوا كثيرا عن ولاية الخرطوم !!!.. حتى شخصي الضعيف ، وقد عملت مستشارا اقتصاديا لثلاثة من وزراء المالية ، ولم اكن زرت حتى موطنى الصغير بالشمالية ، ولم أرَ ابعد من مدينة عطبرة شمالا ولا أبعد من كوستى جنوبا وغربا إلا بعد أن تركت العمل الرسمى ..!!
** وعندما كلفتني منظمة الأمم المتحدة للتنمية الاقتصادية بدراسة تقتضي زيارة سبع ولايات ، أذكر أنى فى إطار هذا التكليف زرت محافظة أم كدادة في العام 2000 ، وكانت هذه المرة الأولى التى أزور فيها غرب البلاد في حياتى ، فسألني محافظ أم كدادة : كيف كنت تعطى المشورة لوزراء المالية وانت لاتعرف كل السودان .؟.. فقلت له : اننى رأيتكم واحسست بكم بقلبي ..فما كان منه إلا أن قال : ان حالنا لايمكن أن يعرف بالقلوب وحدها ، ويحتاج المرء أن يأتي اليها بنفسه ليرى الحال .. وكان صادقا فى حديثه .. ونعم كما ذكرت أخى يجب أن نعرف صغارنا ببقاع وطنهم أولا .. وشكرا لك ، وفى رعاية الله … بروفيسور علي عبد الله علي ، أستاذ جامعي في المعاش !!!..»
** من إليكم : شكرا أستاذي البروف علي ، يسعدني إطلاعك لما يكتب هنا ، ويشرفني تعقيبك عليه بمساهمتك الغالية والنابعة من تجاربك الثرة في دروب الحياة ، العلمية منها والعملية ، زادك الله علما ونفع بك أهلك ووطنك .. ونأمل أن تسلك نصائح رسالتك طريقا يؤدي إلي آذان ولاة أمر التربية والتعليم في بلادي .. ومع الدعاء بالتوفيق لطلاب تلك المدارس وغيرها فى مراحل حياتهم العلمية والعملية ، أكرر لك شكرى وتقديري .. ساتي
إليكم – الصحافة الاحد 31/05/2009 .العدد 5721