عالمية

حكومة المالديف تجتمع تحت مياه البحر لتستغيث

لم تجد حكومة جزر المالديف وسيلة تلفت بها انتباه وسائل الإعلام إلى مأساة حقيقية تعيشها منذ زمن بعيد، أفضل مما قررت القيام به، اليوم السبت 17-10-2009، بأن يرتدي معظم وزرائها لباس الغطاسين لعقد جلسة لهم على عمق 6 أمتار تحت مياه البحر، ومنه يوجهون “رسالة من تحت الماء” إلى قادة الدول المتقدمة بالتحرك لانقاذ الأرخبيل المالديفي المكون من 1200 جزيرة مرجانية من الغرق في المحيط الهادي، بفعل الاحتباس الحراري المسبب لارتفاع مستوى البحار، وهي مشكلة مصيرية للمالديف بشكل خاص، فليس على الأرض يابسة منبسطة كيابستها، والبحر هناك يتسلل اليها بشكل واضح في صور الأقمار الاصطناعية، الى درجة أن 200 جزيرة فيها لم تعد صالحة للسكن وغادرها سكانها الى جزر الجوار.

والمالديف هي دولة صغيرة قرب الهند وسريلانكا، وتكاد تكون منسية، لا يتذكرها الا الراغبون بالسياحة والغوص عند شطآنها. وهي الوحيدة في العالم المؤكد زوالها في القرن المقبل، بحسب ما تؤكده جميع الدراسات البيئية، لأن البحر يعلو مستواه على يابستها كل عام بمقادير مختلفة، حتى أصبح أعلى ارتفاع لليابسة هناك متر و70 سنتمترا، وبعض الباقي هو في مستواه تماما أو أقل.

والنتيجة هي كارثة مؤكدة دفعت رئيس البلاد محمد ناشيد، الى ما لم يسبقه اليه سواه بين الرؤساء أيضا: بعد شهر من انتخابه في أواخر العام الماضي أنشأ صندوقا لجمع المال بهدف شراء أرض في المستقبل، في الهند أو سريلانكا أو أستراليا، ليعيش فيها شعبه البالغ 395 ألف نسمة كوطن بديل، قبل أن يغمره المحيط الهادي بأحضانه المائية.

والرئيس المالديفي هو صحافي سابق وناشط في حقوق الانسان، وفق ما يكتبون عنه. كما أنه غطاس محترف، تعلم العوم والغطس صغيرا. وله ابتكارات متنوعة، ومنها فكرته الفريدة بعقد الاجتماع الوزاري تحت الماء لحكومته المؤلفة من 14 وزيرا، الا أن 3 وزراء سيمتنعون عن المشاركة في جلسة اليوم تحت الماء، لوجود أحدهم في رحلة رسمية بأوروبا، ولمشاكل صحية منعت وزيرين آخرين من المشاركة.

أما بقية الوزراء فقد تدربوا منذ أشهر على الغوص، وسيتوجهون اليوم الى منتجع سياحي شهير في جزيرة “غريفوشي” البعيدة 25 دقيقة بالقارب عن العاصمة، ماليه، وهناك سيتأبط كل منهم ملفاته وقد غطاها ببلاستيكيات واقية من المياه.

وسيغطسون حتى الوصول الى طاولة بيضاوية تم انزالها قبل يومين للجلوس عندها وعقد جلسة ستستمر نصف ساعة يتواصلون خلالها فيما بينهم بالاشارة أو الايماءات أو الكتابة على لوح أبيض، وفق ما ذكره موقع “مينيفان نيوز” المالديفي للأخبار على الانترنت، وهو أرقى الوسائل الاعلامية في البلاد التي يعيش شعبها الفقير على الصيد وواردات سياحية بالكاد تكفيه.

وذكر الموقع الإخباري الكثير عن جلسة اليوم، فقال ان الرئيس المالديفي سيعقد مؤتمرا صحافيا بعد خروجه مع وزرائه من الماء، وسيشرح أن الجلسة لم تكن للدعاية السياحية والترفيه، بل للفت انتباه العالم الى مأساة جزر المالديف المهددة بالغرق.

وقال ان لباس الغطس الذي سيستخدمه الوزراء سيباع بالمزاد العلني في المحافل الدولية، والمبلغ سيتم ضمه الى لجنة مالديفية ناشطة في حماية الشعب المرجانية المهددة بدورها من ارهاب المحيط وعاتيات الماء.

وكان الرئيس المالديفي حذر في كلمة له قبل 5 أشهر من أنه اذا لم يتم ايجاد حل لمشكلة الاحترار الجوي “فنخسر المالديف، ومن بعدها بريطانيا ولربما نيويورك”.

وقال ان بلاده لم تسبب أذى لأحد، ولا كانت من المسببين للاحتباس وانها فقيرة لا تقوى حتى على حضور مؤتمرات عن البيئة وحمايتها.

العربية نت