عبد الجليل سليمان

الخرطوم بعد نُص سنة


[JUSTIFY]
الخرطوم بعد نُص سنة

لست ضد، بل على العكس تماماً أجدني مع أن يتحدث المسؤولون ويصرحوا لوسائل الإعلام ويمدونها بالمعلومات وهكذا. لكن ما يصدع به الذين من (لدنا) يجعلني عالقاً كذرات غبار بين (الضد والمع)، ومن بين هؤلاء يخرج إلينا معتمد محلية الخرطوم اللواء نمر على أولى أمس من يومية الرأي العام بأنه من الممكن تغيير وجه العاصمة خلال ستة أشهر راهناً ذلك بشرطين سحريين هما (أن ينجح القائمون على أمر الصرف الصحي في تجاوز مشاكل القطاع، وأن يلتزم المواطنون بالسلوك العام الرشيد في التعامل مع النفايات).

حسناً سعادة اللواء، إذا انتظرت ولايتكم تحقق هذان الشرطان لتغيير وجه العاصمة – إذا كان لديها وجه أصلاً فإنها ستنتظر (ستين عاماً) وليس (ستة أشهر) لتُحقق حلمها المأمول، لكن قبل الاستطراد والاستزادة والتفصيل في ذلك، دعني ألويّ عُنقيّ قليلاً ناحية شرطيك السالفين، فاتفق معك إلى حد ما – في ثانيهما، واختلف معك إلى (لا حدود) في أولهما، ثم نأتي إليهما (الشرطان) فنخضعهما إلى المنطق البسيط للأشياء، ونقول: تحت إدارة من يشتغل القائمون على أمر الصرف الصحي؟ أليست هي القطاعات الصحية الولاية، أليست هي ذات القطاعات في المحلية، أليس المعتمد (لواء نمر) هو المسؤول عن إدارة الأمر؟

طيب، وبالتالي، وبناء عليه، ما كان بنبغي أن يشترط معتمد الخرطوم على نفسه ويرهن برنامجه بتحقق مشروعات هو من يُناط بِهْ إنجازها، واللاّ مُشْ كِدا يا جماعة؟

بالنسبة للشرط الثاني، وهو أن يلتزم المواطنون بالسلوك العام الرشيد في التعامل مع النفايات، فإنني ليس باستطاعتي سوى أن اتفق نوعاً ما مع ما ذهب إليه المعتمد، فما يجترحه جل المواطنين في ما يخص تعاملهم مع النفايات أمر محزن ويدعو للرثاء، لكنه سلوك ناتج عن ثقافة وعلاجه يتطلب تضافراً كبيراً للجهود على مستويات عديدة، ويحتاج إلى عقود تكتنفها وتتخلها درسات وبحوث وورش وسمنارات وندوات وحملات إعلامية مكثفة ومناهج تربوية مختلفة حتى يحسن المواطن من سلوكه و(يتمدن) قليلاً، لكن في المقابل لا بد من سن قوانين صارمة بعد توفير سلال للنفايات (كل كم متر كدا) في كل الشوارع والأسواق، قوانين تقضي بتغريم كل من تسول له نفسه برمي كيس أو قارورة بلاستيكية أو ورقية أو شرائح مناديل أو التخلص من التمباك أو رمي أعقاب السجائر أو البصق غير المبرر (يعني بدون مرض أو وحم وكدا) في الشوراع والأماكن والأسواق العامة.

إذن، فالأمر برمته في يد المعتمد وإدارته، وعليه فلا داعي لهذه التصريحات، طالما أن الحكمة في هذه الحالة تقتضي ونحن في رمضان التحاكم إلى كتاب الله الكريم (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ). والستة شهور ما بعيده.

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي