مصطفى أبو العزائم

مرحلة ما بعد التمرد


[JUSTIFY]
مرحلة ما بعد التمرد

سألني محاوري الرائد عبداللطيف كبير، ونحن أمام مايكرفون إذاعة القوات المسلحة في الخرطوم مساء الخميس الأول من أمس، عن عودة بعض حملة السلاح في ولاية جنوب دارفور إلى دائرة الوطن، وتسليمهم سلاحهم إلى السلطات وإعلانهم الرجوع عما كانوا فيه من حالة تمرد قاسية على أنفسهم وعلى أهلهم وعلى وطنهم والسؤال تحديداً كان عن الدوافع التي ردت أولئك المتمردين إلى الحق.
قلت لمحاوري وإلى جانبنا داخل الأستديو معدة البرنامج ومنسقة اتصالاته الأستاذة ندى محمد عثمان، قلت إن ظاهرة التمرد المنظم من خلال حركات عسكرية، في طريقه إلى زوال. ليس في جنوب كردفان وحدها، بل في إقليم دارفور نفسه وذلك أمر آخر سنأتي إليه في وقته.
الذي حدث في جنوب كردفان متوقع، وكنت قد سألت الأخ المهندس آدم الفكي محمد الطيب، والي ولاية جنوب كردفان قبل أيام قليلة عن حقيقة الأوضاع على الأرض، فأكد لي ونحن نشارك الولاية التوأم (شمال كردفان) أفراحها بتدشين طريق (بارا/جبرة الشيخ/أمدرمان) قبل أيام رفقة السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول بكري حسن صالح، أكد على أن هناك تراجع وانحسار للمساحات التي كان التمرد يتحرك عليها.
أعود الآن إلى الاستديو وأقول لمحاوري إن ما يحدث داخل دولة جنوب السودان من صراعات دموية على السلطة، ألقى بظلاله على المجموعات المكونة للجبهة الثورية، وأضعفها ضعفاً شديداً بحيث أصبح أمامها خياران لا ثالث لهما، إما أن تشارك في القتال لصالح مجموعة ضد الأخرى، ونتائج القتال في هذه الحالة غير معروفة ولا مضمونة،إما أن تثوب إلى رشدها وتسلم سلاحها وتعود إلى حضن الوطن.. وهذا هو ما حدث الآن.
وسألني ضمن ما حدده داخل المحور الأمني في برنامجه الممتد لساعة من الزمان، عن تنامي ظاهرة الاعتداءات المسلحة وتكرارها في بعض مناطق دارفور، بل وبعض مدنها الكبيرة فكانت إجابتي أن التمرد في دارفور محاصر الآن حصارين، الأول سياسي والثاني أمني وعسكري والحصار السياسي أوضح ما يكون في شكل ومضمون وبنود اتفاقية الدوحة المعروفة باسم اتفاقية «سلام دارفور» فالذين لحقوا بها أكثر من الذين ترددوا، والذين وقعوا عليها أو أعلنوا عن رغبتهم في اللحاق بها، أكبر وأكثر من الممتنعين، لذلك أخذت الحركات المنظمة والمسلحة تتفكك لصالح السلام ولصالح الوطن، لكن يظل هناك دائماً من يحاول السباحة ضد تيار العقل والمنطق، ولم يعد له من سبيل للانخراط في عمل مفيد من أجل الوطن، فيلجأ إلى تحويل تمرده القديم إلى تمرد (قطاع خاص) يستخدم فيه مهارات فردية في التعدي على الآخرين ونهب مالديهم.. وفي تقديرنا إن هذه الظاهرة إفراز طبيعي لانحسار التمرد، لكنها للأسف الشديد ستستمر إلى سنوات، إذ يصعب التنبؤ بالواقعة الإجرامية (المفاجئة) للتصدي لها، لكن التحوطات والمطاردات والمتابعات ستقضي عليها تدريجياً بما يبطل مفعولها تماماً في المستقبل.

[/JUSTIFY]

بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]