جمال علي حسن

لا تحدثني عن ضمير المسؤول


[JUSTIFY]
لا تحدثني عن ضمير المسؤول

كل الدول التي نجحت في محاربة الفساد بدأت بإغلاق النوافذ التي تضع المال العام تحت رحمة حسن النوايا وأخلاق الناس.

لا (قرش) واحد تصرفه الدولة ولا تكون وجهته معلومة ومصدره معروفا وطريقة المحاسبة فيه واضحة.

حتى أدبياتنا في محاربة الفساد تجدها تشير إلى وجود خلل كبير في أمور المال حين أسمعهم ينشدون:

المال العام أمانة

فلماذا لا نتفانى

في حفظ المال لماذا؟

تلك الأغنية التي كانت أجهزة الإعلام تبثها لحث الناس على المحافظة على المال العام تشير وتؤكد وجود الخلل ووجود العاهة التي تسمى (ضمير المسؤول) بتأكيدها أن هناك فرصا متاحة للتعدي على المال العام والطريقة المعتمدة في مكافحتها هي تذكير الناس وحثهم على التحلي بالمثل والأخلاق والحفاظ على الأمانة التي بين أيديهم.

وهذا هو الخطا الكبير.. لا شيء اسمه (الضمير) والرهان على أمانة الأشخاص في دولة القانون ودولة المحاسبة ودولة (السيستم).. وزيراً كان أو مديراً أو أياً كان، لا يترك له النظام المحاسبي الجاد مالا في يده أو فرصة أصلا لاختبار مدى أمانته لأن النظام يرفض آلياً التعدي على المال العام ولا تتبقى إلا مساحات استغلال النفوذ وهي التي أدخلت ساركوزي الرئيس الفرنسي السابق (الحراسة) وهي التي أدانت (إيهود أولمرت) رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق وغيرهما.

واستغلال النفوذ.. عندنا هو أخف الأقدار وأخف أنواع الفساد، بل كاد يتحول إلى سلوك طبيعي واعتيادي وغير مدهش باعتبار أن المسؤول حين يقدم (أي مساعدات) لأقاربه ويوظف المتعطلين من أهله ويمنح فلانا تصديقا ويسهل لعلان وظيفته يصبح هذا المسؤول بنظر المجتمع والعشيرة شخصاً متميزاً، أما الآخر الذي يبتعد عن التدخل والتوسط والتلفونات فهو رجل (متفلهم) ومتعالٍ على (خدمة أهله) بين قوسين.

لن نتخلص من لعنة الفساد التي تطاردنا ما لم نتخلص من هذه الثقافة، ثقافة تفسير المحاباة بأنها خدمة جليلة للناس وثقافة تفسير المحسوبية بأنها نوع من التواضع وخدمة الأهل..

صدقوني إن الموضوع لا يخص مسؤولين محددين في نظام حاكم اليوم وقد لا يحكم غداً، الموضوع موضوع ثقافة مجتمع يحتاج لإعادة صياغة الكثير من المفاهيم الخاطئة وإعادة النظر في الكثير من المسميات الحميدة للسلوكيات الخاطئة.

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي