إعادة زرع السن بعد خلعه
لا يزال الحديث مستمرا ومتصلاً عن أهمية السن، وعلى ضرورة المحافظة عليه وعدم التفريط به والإسراع إلى خلعه لدى ظهور أول بوادر وأعراض التسوس والألم. علماً بأن التقنيات الحديثة والتطورات الهائلة التي طرأت على طب الأسنان، أوجدت مواداً وأساليب متنوعة للمحافظة على السن في مكانه حتى آخر العمر.
ومن هذه الطرق والوسائل المتقدمة في المحافظة على السن هي طريقة إعادة زرعه بعد الخلع، وهي تعتبر طريقة أخيرة في المحافظة على السن بعد استنفاذ كل الطرق الأولية وفشلها وعدم تحقيقها للعلاج المرجو والراحة المطلوبة للمريض في المحافظة عليه.
واعتماداً على هذه الطريقة الحديثة فقد جاءتني إلى العيادة النموذجية للأسنان المريضة/ ن. ر وهي تشكو من ألم شديد جداً في الضرس السفلي الأيسر، وبعد فحصها وأخذ السيرة المرضية والأعراض المصاحبة وإجراء التصوير الشعاعي للمنطقة المريضة تبين ما يلي :
ـ وجود التهاب حاد بالأربطة المحيطة بالضرس.
ـ وجود خراج حاد محيط بذروة الجذور.
ـ وجود غلاف حول الضرس أو ما يسمى تلبيسة من السيراميك.
الضرس معالج سابقاً بسحب العصب أو ما يسمى معالجة الجذور، إلا أن المعالجة كانت ناقصة بمعنى أن حشوة الجذور لم تصل إلى الذروة مما أدى إلى استمرار تكاثر الجراثيم في قناة الجذور وانتشارها عبر الذروة إلى العظم وتشكيل الخراج والتهاب الرباط المحيط بالضرس.
بعد معرفة الموجودات الحالية لدى المريضة ودراستها وتقييمها وجد أنه لا يمكن إعادة معالجة الجذور مرة أخرى لأسباب فنية وتشريحية، ووجد أنه لا مناص من خلع الضرس ثم إعادة زرعه.
وعرض هذا الأمر على المريضة وزوجها وشرح لهما كيف سيتم إجراء هذه العملية العلاجية الجديدة، فوافقا على تنفيذها مباشرة.
وفعلا تم إعطاء المريضة حقنة التخدير الموضعي، وبعد أن زال الألم نهائياً وأصبحت منطقة الضرس عديمة الإحساس كلياً، تم خلع الضرس بسهولة بالغة دون أي ألم، وقمنا بوضع الضرس بعد خلعه في شاش معقم ومحتوي على دواء مضاد للالتهاب ثم بدأنا بقطع ذرى الجذور التي كانت خالية من الحشو وممتلئة بالجراثيم، وبعدها قمنا بتشكيل حفرة في داخل قنوات الجذور وملأناها بمادة حشو الأملغم كي تشكل سداً محكماً لذرى الجذور وتمنع أي اتصال بين القناة والوسط المحيط بها، وبعدها أعدنا الضرس إلى التجويف العظمي الذي كان فيه سابقا فأصبح السن في مكانه وكأنه لم يجر عليه أي خلع.
وأعطيت المريضة الأدوية المناسبة للقضاء على الألم والالتهاب ثم غادرت العيادة برفقة زوجها وهي في أحسن حال، وطلب منها أن تراجع العيادة بعد أسبوع، وأثناء المراجعة فحصت الضرس بشكل كامل فأظهرت الفحوصات أن وضعها مستقر وممتاز جداً، لا ألم لا التهاب لا وجع واللثة طبيعية والسن في وضع ثابت، ولا توجد أي حركة، وكانت المريضة تأكل عليه بشكل جيد وبدون أي ألم.
ولهذا كانت المريضة مسرورة جداً ومرتاحة بشكل كامل والحمد لله.
ثم راجعتنا المريضة بعد أسبوعين وأجريت لها نفس الفحوصات السابقة للمزيد من الاطمئنان والتأكد من سلامة وضع السن، فكانت النتيجة طيبة والحمد لله، والمريضة راضية وتشعر بسعادة غامرة أنها استطاعت أن تنقذ سنها من الخلع الدائم وتحافظ عليه بدلاً من أن تخلعه وتركب بدلاً منه سناً صناعياً.
والخلاصة أن هذه الطريقة الجديدة مفيدة جداً في المحافظة على السن بعد أن تكون الطرق الأخرى في العلاج قد أصبحت غير نافعة وغير ذات جدوى.
المصدر :البيان