حيدر المكاشفي

مهلاً.. قبل أن تصفقوا مع الوالي!


[JUSTIFY]
مهلاً.. قبل أن تصفقوا مع الوالي!

تقول إحدى الحكايات أن أحد المطبلاتية الهتيفة الحنجوريين، والذي كان دائماً ما يتصدر الحشود ويقود الهتافات من أمثال (هي لله هي لله لا للسلطة ولا للجاه)، وغيره من هتافيات وشعارات سادت ثم باخت وبارت، تطلع هذا المطبلاتي ذات حفل لما يرفعه درجة من مجرد هتيفة ويقرّبه أكثر من كبار المسؤولين، فعمل كمقدم لذاك الحفل، وكانت تلك أول تجربة له في وضعه الجديد، بعد صراخ وهياج ببعض الشعارات والهتافيات التي كان يحفظها عن ظهر قلب، انتقل الرجل لتحية الرؤوس الكبيرة التي كانت تجلس على الكراسي الوثيرة في المقدمة، فقال بملء صوته الجهور نحي الوالي فلان والمعتمد علان وكان قد عكس الاسماء فجعل الوالي مكان المعتمد والمعتمد في مقام الوالي، فلكزه من كان يقف إلى جانبه بالمنصة، ووسوس له بصوت خفيض ياخي عكست الشغلانة، ارتبك الرجل وتلعثم قليلاً ثم قال موجهاً حديثه للجمهور بصوت جهور معليش يا جماعة لقد تشابه علينا البقر، فعلان هو الوالي وفلان هو المعتمد، وحكاية أخرى تقول إن أحد أساتذة الجامعات دخل عن طريق الخطأ إحدى قاعات المحاضرات ليلقي درسه، فنبهه الطلاب الذين كانوا داخل القاعة بأن المحاضرة ليست له، قال الأستاذ عذراً إن البقر تشابه علينا، غاظ ذلك أحد الطلاب فرد عليه سريعاً، لا بل الثور ضيّع مربطه.

أعتقد أن والي الخرطوم الأخ عبد الرحمن الخضر، قد تشابه عليه حفظة القرآن الكريم، واختلط عليه أمرهم، فظن ربما بحسن نية أنهم جميعاً مثل تلك المجموعة المحظية من الحافظات اللائي رعتهن أمانة المرأة بالمؤتمر الوطني ولاية الخرطوم، وأقامت لهن حفلاً حفيلاً ومهرجاناً مبهرجاً لتكريمهن يوم الاثنين الأول من أمس (الثلاثاء)، وحين أعجب الوالي الذي شرف المهرجان بما شهد وأطربه ما سمع، قال بانتشاء إن حزبه المؤتمر الوطني يستحق التصفيق لتفكيره في تنظيم مهرجان لتكريم الحفظة والاستمرار فيه لمدة (14) سنة، وكانت حصيلة نشوة الوالي أن 10 من الحافظات حصلن على عمرة إلى بيت الله الحرام و10 أخريات خرجن بمبلغ الفي جنيه لكل منهن، وبعد.. فليس من أغراضنا هنا التبخيس من جهد أمانة المرأة في رعاية الحافظات لكتاب الله، فهو جهد مقدر ومشكور ومأجور كما أن الحافظات يستحققن أكثر مما نلن من تحفيز، ولكن ما غاب عن الوالي وجعله يطالبنا بالتصفيق لحزبه، هو أن تحفيظ كتاب الله هو في الأساس جهد مجتمعي غير رسمي وغير حزبي، توفر عليه منذ القدم مشايخ نذروا أنفسهم له وأقاموا له التكايا والزوايا والخلاوى بمساعدة ومساهمة بعض المحسنين، وهناك الآن الكثير من هذه الدور تعاني ما تعاني دون أن تجد والي يهتم بها اهتمامه بما أنجزته إحدى أمانات حزبه المدعومة، ومن المفارقات المضحكة والمحزنة في آن، هو أنني قبل مطالعة خبر الوالي الذي طالب فيه بالتصفيق لحزبه، كنت قد فرغت للتو من مطالعة تقرير حزين أوردته صحيفة (حكايات) أمس عن (500) دارس للقرآن يتهددهم الجوع بمجمع الخلفاء الراشدين بأم درمان، ويقيمون في مبنى هدمته السيول وآيل للسقوط، وهذا مجرد مثال، فكيف بالله مع هذا الحال نصفق لحزب الوالي؟.

[/JUSTIFY]

بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي