حيدر المكاشفي

قضية كنانة.. (تمت الناقصة)


[JUSTIFY]
قضية كنانة.. (تمت الناقصة)

حتى لو نجحت بعض الوساطات والجوديات أو التدخلات السيادية الرئاسية، في حلحلة الأزمة الناشبة بين وزير الصناعة السوداني السميح الصديق من جهة، والعضو المنتدب لشركة سكر كنانة محمد المرضي التجاني يظاهره الشركاء العرب الكويتيون والسعوديون من جهة أخرى، على خلفية اتخاذ الوزير قرار فردي بإعفاء العضو المنتدب من وراء ظهر مجلس إدارة الشركة، أقول حتى لو نجحت مثل هذه المساعي في حل هذه الأزمة وانهائها اليوم أو غداً باستبقاء العضو المنتدب أو مغادرته، فإنها ستخلف ندوباً وذيولاً وتداعيات سالبة على محاولات جذب النشاط الاستثماري الأجنبي للبلاد لن تنتهي على الأقل في القريب المنظور، فعلى ما كان وما يزال يعانيه قطاع الاستثمار من هزال وفساد ومشكلات وجملة منفرات، فإن قضية كنانة لا شك قد زادت طينه بلة، وبؤسه ضغثاً على أبالة وسوءاً على سوءٍ، ليصبح حاله مع هذه القضية مثل حال البهيمة التي قال فيها المثل السوداني (عايرة وأدوها سوط)، وهي تلك الدابة الفارة خوفاً وهلعاً، وعلى خوفها وفرارها هذا إذا بمن ينهال عليها ضرباً بالسياط، فيتضاعف خوفها وتزداد سرعتها طلباً للنجاة، وهذا بالضبط ما فعله سوط الوزير أعني قراره الانفرادي الذي ألهب به ظهر المستثمرين الأجانب والوطنيين على السواء، ليزدادوا خوفاً من الاستثمار في السودان، وفراراً منه.

في تقديري أن أزمة كنانة أنتجتها العقلية السلطوية المستفحلة والمعشعشة في رؤوس كثير ممن يمتلكون السلطة، فلو أن الوزير بصفته رئيساً لمجلس إدارة الشركة، وليس بصفته الوزارية السلطوية، سعى لإقناع أغلبية الشركاء الممثلين لمجلس الإدارة بمآخذه على العضو المنتدب، وحصل من هذه الأغلبية على موافقة بإقالته ثم خرج على الناس بهذا القرار لما نشبت الأزمة أصلاً، ولكن يبدو أن الوزير قد تشابه عليه بقر السلطات فخلط بين رئاسته لوزارة الصناعة ورئاسته لمجلس إدارة الشركة، وإلا لما كان له أن يصدر قراراً يخص الشركة بذات الطريقة والأسلوب الذي يصدر به قراراته الوزارية، فشتان ما بين هذه وتلك، ولكن لأنه اعتاد وتعود أن يكون هو صاحب السلطة الأعلى والقرار الذي لا معقب ولا راد له داخل الوزارة، وأن من حقه وسلطاته أن يصدر ما يشاء من القرارات وما على الآخرين إلا الرضوخ والتنفيذ، ربما بسبب ذلك ظن أنه كذلك في الشركة، ولهذا كان ما كان، وهذه قضية أخرى تخص ملف الخدمة المدنية والسلطة التنفيذية ليس هذا مجالها، المهم هنا أن رئاسة مجلس إدارة شركة لها عقد تأسيس وشراكة يوضح المسؤليات وحدودها بدقة وقائمة على نظام مؤسسي و(سيستم) محكم، ليست مثل رئاسة وزارة من وزاراتنا التي يعتبر فيها الوزير هو كل شيء، وهذا هو مربط الفرس.

[/JUSTIFY]

بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي