وهل هكذا تنصر غزة
إذن فابشري بطول سلامة يا إسرائيل
في حوالى الساعة الخامسة وبضع دقائق من مساء أول من أمس (السبت)، أي قبل أقل من ساعة على الهجوم البربري الهمجي الغادر الذي وقع على الزميلة الغراء صحيفة “التيار”، واستهدف رئيس تحريرها الأخ عثمان ميرغني، على النحو الذي توسعت وسائل الإعلام والصحف محلية ودولية في نشر تفاصيله وتابعه الناس أمس (الأحد)، وبينما كنت في معية الأخ إمام محمد إمام رئيس تحرير “التغيير” بمكتبه بالصحيفة، دخل علينا الأخ عثمان وانضم إلى مجلسنا، وكان من الطبيعي أن يدور بين ثلاثتنا الحديث عن ردود الأفعال الصحافية التي تلت حديثه التلفزيوني الذي أبدى فيه رأيه الشخصي حول الصراع العربي الإسرائيلي، وكان أن تزامن بث ذلك الحديث الذي جرى قبل نحو ثلاثة أسابيع في توقيت سيء كانت فيه صواريخ العدو الإسرائيلي تقصف أهل غزة العزل بوحشية وتسقط بينهم عدداً من الشهداء، وشخصياً لم أكن أنتظر حديث عثمان التلفزيوني ذاك أو حتى حديثه معنا أمسية السبت، لأعرف رأيه فيما ينبغي أن يكون عليه حال العرب والمسلمين، حكاماً قبل الجماهير، أولاً بأن يقووا بلادهم ويحصنوها بالعدل والنزاهة والطهارة والحكم الرشيد، وبقول واحد أن يغيروا ما بأنفسهم وما هم عليه الآن من فساد وانحلال حتى يغير الله ما بهم من ضعف وهوان، ثم من بعد امتلاك أسباب القوة الحقيقية يمكنهم هزيمة إسرائيل، أما هذه الحنجوريات والهتافيات والعواطف الجياشة ومسيرات وبيانات الشجب والتنديد والإدانة والضجة في الرادي والخطب الحماسية التي درجنا عليها سنين متطاولة، لن تفعل شيئاً غير أن تمنح إسرائيل عمراً إضافياً، فقد كتب عثمان رأيه هذا مراراً وتكراراً وعبر الإصدارات التي تنقل بينها وكلما جاءت مناسبته، وهو رأي يؤخذ منه ويرد لمن يختلف معه كليةً أو جزئياً.
السؤال الآن.. كيف تنصر غزة بل كيف تحرر فلسطين، هل بشرخ الحلاقيم بالصياح والنواح “وا غزاه وا فلسطيناه” وتدبيج المقالات النارية وإقامة المخاطبات الملتهبة وتسيير المسيرات الحاشدة وإصدار بيانات الشجب بأقسى العبارات و”بس خلاص على رأي شعبولا” ينتهي العزاء بانفضاض المسيرات وتحول المقالات لقصاصات لـ”لف الطعمية”.. لن أستفيض هنا في ذكر الإجابة التي أراها صحيحة على السؤال، فقط سأستعين بوصية والد فلسطيني لولده الطالب، قال هذا الفلسطيني لولده يوصيه أن أكبر نصرة منك يا ولدي وأقوى تلبية لعون المجاهدين والمظلومين في قطاع غزة هي بأن تركز كل جهدك في المذاكرة ومراجعة دروسك وأكبر خزي لعدو الإسلام والمسلمين هو ألا يلفتك بغيه عن مشروعك وعن تفوقك وعن أن تتقدم يوماً تلو يوم للأمام ميمماً وجهك شطر نجاحك لترفع من شأن أمتك بنبوغك في دراستك، وأكبر صاروخ توجهه للجيش الصهيوني اللقيط أن توجه له صاروخ درجاتك يوم نتيجة الامتحان. إن أكبر تضامن مع غزة بأن يكون الطلاب العرب والمسلمون هم أنبغ وأنجح طلاب في العالم.. وعلى ذلك قس.. أما أولئك الرجرجة والدهماء الذين اعتدوا على عثمان فهم نصراء اليهود بما يفعلون وبجهلهم لا يدرون، والحكمة تقول العاقل خصيم نفسه والجاهل عدو نفسه.
[/JUSTIFY]بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي