مصطفى أبو العزائم

«مهدية» آخر الزمان..!

[JUSTIFY]
«مهدية» آخر الزمان..!

رحم الله الأمام محمد أحمد المهدي، رحمة واسعة، فقد كان للرجل دوراً وطنياً عظيماً. ليس في مجال تجديد وإحياء الدعوة بعدما لحق بالدين من ممارسات شوّهت صورته، وأدت إلى إن يتهافت البعض نحو الرذائل، ويتغاضى عن الفضائل فحسب، وليس في مجال توحيد كل ابناء السودان خلف راية وطنية واحدة فقط، رغم ما يؤخذ على الامام محمد أحمد المهدي والدولة المهدية، من أن دولة الرجل كانت تفتقر إلى البرنامج السياسي الواضح المعالم، المحدد الأهداف، وهو ما أربك خليفته السيد عبد الله ود تورشين، خاصة بعد رحيل الامام المهدي المفاجيء.
نعم ـ كان للامام المهدي أحد أعظم الأدوار الوطنية بسبب ما أشرنا إليه من قبل، وبسبب توحيده للوجدان الوطني، وحربه على المستعمر التي بدأت بالدم وأنتهت به، إذ لم يتزحزح السيد الامام محمد أحمد المهدي قيد أنملة عن مواقفه الوطنية، ولم يتنازل عن حقه وحق من بايعوه في التمسك بحقه في حكم بلده، رغم ما جره عليه ذلك من عداوات داخلية وخصومات خارجية.
عاش الامام المهدي محارباً في سبيل الحق ومات كذلك.. وأسس الامام محمد أحمد المهدي لمفاهيم دينية وعقائدية جديدة إرتبطت بالمفهوم الوطني لا السلطوي، وتقّوت بتواصلها مع هموم العامة وأحلامهم، لذلك لم تنهدم قبة الكيان الوجداني والعاطفي عندما حاول جيش البريطانيين هدم قبة الامام المهدي، عند غزوهم لمدينة أم درمان في سبتمبر عام 1898م ، بل كانت تلك المحاولة اليائسة هي لحظة بعث جديد لروح المهدية وسط أهل السودان، رغم إنهزام الجيش المهدوي واستشهاد أكثر من إثنى عشر ألف شهيد في معركة كرري.
هكذا ظل كيان الأنصار قائماً قوياً، وهكذا نشأ في ظله حزب الأمة ليعبر سياسياً عن الكيان الديني والعقائدي، وهكذا برزت القيادات التاريخية العظيمة من داخل بيت الامام محمد أحمد المهدي، وعرف السودانيون والعالم السادة الأئمة عبد الرحمن المهدي، والصديق، والهادي، وأحمد، والصادق، وكانوا دائماً في مقدمة الصفوف الوطنية، لا ينصرون باغياً تعدى على الحق، ولا ينتصرون لأجنبي تعدى على حرمة الوطن وأهله.
ترى ما الذي طرأ وجرى حتى تغيّرت هذه المفاهيم لدى أهل الكيان، وأهل البيت المهدوي، حتى يستنصر واحد منهم بالأجنبي لازالة نظام وطني قائم، مهما كانت درجة الخلاف معه، إلا أنها لا تبيح لخصومه أن يستنصروا بالأجنبي المعادي للدين والعقيدة في الوطن.. وكيف للسيدة الفاضلة الدكتورة مريم الصادق المهدي أن تشارك في حملة تحريض ضد رئيس الدولة من خلال إقحام قضية المحكمة الجنائية الدولية في الخصومة السياسية، والدفع بها إلى منضدة البرلمان الأوربي..!!
تمنيت لو أن ما إطلعت عليه كان كذباً.. وأن ما راج من أخبار في وكالات الأنباء والفضائيات والأسافير، كان حلماً مزعجاً بل كابوساً لا أساس له من الصحة.. ولكن للأسف هذا هو ما حدث.. مثل هذه التصرفات السياسية غير الراشدة لن تضعف النظام، بل ستعمل على تقويته، ولن تطيح بالرئيس البشير المطلوب امام المحكمة الجنائية، بل ستشكل حوله سياج حماية يتقّوى بالحق ونصرة السودانيين له، الذين لا تعجبهم «الحقارة» ولا الاستنصار بالغرباء والغربيين ومن لف لفهم، لأن ذلك إن حدث فإن القول المأثور ما زال ماثلاً: «أنا وابن عمي على الغريب».. هكذا نحن.

[/JUSTIFY]

بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]