التعليم .. واقع الحاضر ورؤى المستقبل
يجمع المختصون والمراقبون علي امر التعليم بالبلاد انه يحتاج الى وقفة جادة وتلمس ما يمر به من قصور وضعف وتشوهات لتقويمها ووضع المقترحات والحلول المناسبة لمعالجتها خاصة وان الاحصاءات تشير لوجود اعداد كبيرة ممن هم خارج نطاق التعليم من الفاقد التربوي بالمدن و الي اعداد مماثلة في المجتمعات البدوية اوالرعوية
ويشير المختصون الى مواطن الضعف المتمثلة فى قضايا مجانية التعليم التى اصبحت شعارا لاينطبق على واقع العملية التعليمية مقارنة بما كان عليه التعليم فى السابق نظرا لتقليص موارد الانفاق علي هذا البند من الميزانية العامة، وتحميل أولياء الأمور والمعلمين أعباء تدبير أموال التسيير والاشكالات المتعلقة بالسلم التعليمى الحالى حيث لايزال يثير جدلا حول افضليته وجدواه مقارنة بالتجارب السابقة اضافة الى مراجعة المناهج من حيث الكم والتدرج في المفاهيم لدى الاطفال ملائمة للسلم التعليمى و قضايا تأهيل وتدريب ومستحقات المعلم
وقد اشار زير التعليم العام د.حامد محمد ابراهيم لدى مخاطبته الجلسة الافتتاحية لمؤتمر قضايا التعليم المنعقد حاليا بالخرطوم والذى نظمته وزارة التعليم بالولاية الى ان قضية التعليم اصبحت امنية واقتصادية واجتماعية وان التعليم لم يعد استثماراً بشرياً بل تعداه الى الامان والسلام والتغيير الاجتماعى
و قال السيد الوزير في كلمته امام المؤتمرين انه لابد من الاعتراف بالضعف والقصور الموجود حاليا سعيا للاصلاح والمعالجات. و اكد الوزير في هذا السياق ضرورة ضخ مزيد من المال للانفاق على التعليم حتى يستقيم امره
اما الاستاذ محمد الشيخ مدنى رئيس مجلس تشريعى الولايةفقد قال انه و رغم ان التعليم خدمة وليس وعاءا ايراديا اى لامجال لتوزيع الثروة بين مستوياته الثلاثة حسب الدستور الانتقالى للعام 2005 م الا انه يشكل افضل نموذج لتوزيع السلطة بين تلك المستويات
وقال ان التعليم محور تربوى يؤطر لاهم غاية وهى خلق جيل جديد صالح لبناء الامة لذا فان اصدار اى قانون او لوائح او قرارات ستؤثر ايجابا او سلبا علي جيل باكمله منبها الى ضرورة التأكد من ان الكيفية التى تدار بها دفة التعليم او الاسلوب الذى تطبق به التشريعات المتعلقة بالتعليم قد توفر لها الحد الاقصى من الحذر والحرص على ملاءمتها مع واقعنا وما نريد له
ودعا مدني الى ضرورة ان تعتمد الادارة التربوية على مبدأ القيادة الجماعية
واكد فى حديثه امام مؤتمر قضايا التعليم ان السلم التعليمى الحالى اثبت جدواه رغم الانتقادات التى وجهت له ورغم المطالبة باعادة النظر فيه و رغم ما يعاب عليه من ان سن السادسة تعتبر مبكرة لبداية التعليم النظامى وان الثمانى سنوات فترة طويلة لدرجة الملل للاستمرار فى موقع واحد وان وجود تلاميذ تتراوح اعمارهم بين سن الطفولة وبداية سن المراهقة فى مكان واحد يشكل خللا تربويا وان المناهج من حيث الكم كثيرة وتفوق استيعاب الكثير من الاطفال مقارنة بالفترة الدراسية المتاحة لدراستها
وقال ان أقوى حجة لصالح السلم التعليمي الحالي هي ما أثبتته مقارنة الاحصائيات والنتائج في الإمتحانات التنافسية السابقة بالنسبة للنظامين السابقين فمن واقع كتب الاحصاء التربوي التي تصدر دورياً عن إدارة التقويم التربوي بالولاية تراوحت نسبة النجاح في آخر سنوات السلم التعليمي السابق في إمتحان الدخول لمرحلة الثانوي العام (المتوسطة) من 55% إلى 70% وكذلك ذات النسب في إمتحان التنافس الثاني لمرحلة الثانوي العالي مقارنة بنسبة النجاح في السلم التعليمي الحالي و التي تراوحت بين 65% إلى 80% للدخول للمرحلة الثانوية
واشار الى أن عدداً من التلاميذ الذين كانوا يدخلون ضمن الفاقد التربوي بالنظام السابق اصبحوا ينجحون في ظل النظام الحالي ، مبينا أن ذلك يعزي لصغر سن التلاميذ في التنافس السابق وعدم قدرتهم على التعامل مع رهبة الإمتحان وعدم إستيعابهم لمفهوم التنافس أكاديمياً، اضافة إلى ذلك أن عدداً من الأطفال يتصفون بما يعرف علميا بـ (النبوغ المتأخر ) وهو أن يبدأ الطفل تعليمه ببطء واضح في قدراته واستيعابه وهو في سن مبكرة ثم يستعيد كل قدراته وقد يتفوق وهو أكبرعمراً
واوضح الاستاذ مدنى أن تلاميذ الفاقد التربوي في النظام الحالي ورغم أنهم أقل عدداً من تلاميذ الفاقد التربوي في النظام السابق إلا أنهم جميعاً يتخرجون بقدر معقول من التحصيل في العلوم المختلفة والغات مما يجعلهم مؤهلين لولوج مجالات اخرى لتأمين مستقبلهم كالتدريب المهني وغيره بالإضافة لحصيلة مناسبة من الثقافة والمعلومات العامة تجعلهم أكثر تكيفاً مع المجتمع
وفيما يتعلق بوجود الأعمار المتباينة داخل /الحوش /الواحد قال ان كثير من التربويين يتناولون النظرية التي تقول أن وجود اطفال في أعمار متباينة (ست سنوات إلى أربعة عشر) في مكان واحد (المدرسة ) يشكل خللا تربوياً والذين يتبنون هذا الخط متأثرون بالثقافةالغربية فهذه النظرية أصلها الكتب الغربية والمجتمع الغربي، مضيفا أنها إذا كانت صالحة للتطبيق في الدول الغربية فليس بالضرورة انها تصلح للتطبيق في مجتمعنا وذلك لان المجتمع الغربي ليس متماسكاً وليس تكافلياً مع الضعف في الواعز الديني تربوياً فالطفل الغربي لم يتعود على وجود اسرة كبيرة داخل البيت الواحد يتباين فيها عمر الأخوان والأخوات وبالمقابل نجد أن البيت السوداني والمجتمع السوداني ونشأة الطفل السوداني على طرفي نقيض مع العالم الغربي ،لذا فأن الضدين لا يمكن ان تنطبق عليهما نظرية أو قاعدة واحدة
واكد انه ومنذ بداية السلم التعليمي الحالي والذي بدأ تطبيقه قبل خمسة عشر عاماً لم تشهد المدارس على نطاق المليون ميل مربع في السودان إي حوادث أو خلل تربوي أو ظاهرة سالبة كان سببها الرئيس وجود أطفال في أعمار متباينة في مدرسة واحدة
وقد ناقش المؤتمر الذي اكد والي ولاية الخرطوم ان مخرجاته ستكون بمثابة خطة عمل للعام القادم ، العديد من القضايا المتصلة بالتعليم ومسيرته بالبلاد.
حنان حسن :سونا