جمال علي حسن

لو أردتم المصالحة والإصلاح


[JUSTIFY]
لو أردتم المصالحة والإصلاح

تولدت عندي قناعة بأن المصالحة السياسية بين الحكومة وقوى المعارضة التي رأيتها بعيني واستمعت إلى لغة خطابها في ندوات ما بعد المائدة المستديرة، هذه المصالحة ولو تمت فلن تحقق الحلم المرتجى، حلم المصالحة الوطنية الكاملة والإيجابية التي تفيد البلد.

لأنه وبصراحة ومن واقع متابعتنا للحالة السياسية المسماة مشروع الحوار أو مبادرته المتعثرة بين تباطؤ إيقاع الحكومة وبين (محركة) المعارضة، أرى أن القدر الأدنى المتوفر من النية عند الحكومة والذي لم يقنع الكثير من كيانات المعارضة حتى الآن، هذا القدر المتواضع – بنظر المعارضة – من التنازلات التي لم تكفها للثقة بلسان الحكومة لو تمت الاستفادة منه وتوجيهه مباشرة للمجتمع فقد يعود بفوائد وطنية كبيرة تحقق مرحلة من مراحل المصالحة الوطنية المطلوبة.

فالمعارضة التي لم تظهر كياناتها أداءً يبشر بوجود كوادر سياسية وطنية بينها متعافية ومؤهلة لإنقاذ البلاد، هذه المعارضة لن تكون قادرة على تطعيم الجهاز التنفيذي وجهاز الحكم في السودان بإضافات نوعية متميزة ذات قدرات وخيال وتأهيل عال تسد فراغات الضعف في الجهاز الحاكم على مستوى التخطيط والتنفيذ لمشروع النهضة وتحقيق التنمية المستدامة.

ولكن وبالنظر لنوع وحجم الكوادر السودانية الوطنية التي تتولى مواقع مهمة وتقود مؤسسات ناجحة وتعتمد عليها الكثير من الدول في مواقع مهمة وخطيرة في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا والتنمية والإدارة، فإن المطلوب هو طرح مشروع مواز لمشروع الحوار الوطني مع القوى السياسية تطرحه الحكومة وهو مشروع استقطاب وجذب الخبرات السودانية المتميزة العاملة بالخارج.

إن مواقف الكثير من هؤلاء الذين نقابلهم خارج الحدود من النظام ليست مواقف قاطعة أكثر من كونها مواقف مبنية على مادة الإعلام الإسفيري وعلى خطاب المعارضة التقليدية وعلى تصورات غير دقيقة حول إمكانية الترحيب بهم وبدورهم وبإسهامهم في عملية البناء.

الكثير من هؤلاء لم يعد الواحد منهم محتاجاً للبقاء في الغربة بعد أن وفر ما يضمن استقرار حياته المعيشية والقدر المعقول لطريق المستقبل له ولأبنائه ولكن حين تسألهم: لماذا لا تسهمون بأفكاركم وبطاقاتكم في عملية البناء؟ يكون الرد الظني منهم هو: (الجماعة ديل ما دايرننا)..

فلماذا لا تطرح الحكومة هذه المبادرة لعشرات الخبراء والعلماء الموجودين في دول أوروبا وأمريكا وبعض دول الخليج من الذين يتولون مناصب رفيعة ومواقع حساسة في تلك البلدان..؟

ما المانع أن يكون هذا هو حجر الأساس الذي تضعه الحكومة في مشروع للمصالحة الوطنية الشاملة، تبادر فيه بدعوتهم وتوفير ضمانات وأمان وظيفي لهم في المواقع المطلوبة؟.

المصالحة الوطنية هي أهم شروط نجاح عملية الإصلاح، والمصالحة الوطنية لا تعني الاكتفاء بالحوار مع الأحزاب بل تعني تقديم المبادرة الرفيعة لأبناء هذا الوطن الذين لا ولاءات سياسية تعيدهم للبلاد، بل يعيدهم الشعور بجدية الحكومة في إحداث النهضة والتغيير باعتماد معيار الكفاءة والتأهيل فقط دون غيره من المعايير في اختيار من يقودون نهضة البلاد.

إن الأخطر من الفساد هو الخواء وضعف الخيال وعدم القدرة على الإنجاز، وهناك الكثير من التنفيذيين في مواقع الحكم والأجهزة والمؤسسات المختلفة في بلادي قد لا يكونون فاسدين في أنفسهم لكن الكثير منهم قدراته متواضعة وضعيفة، وهناك آخرون لديهم القدرة والكفاءة على تحقيق إنجازات خيالية، لكن لم يبادر أحد بدعوتهم أو منحهم الثقة والضمانات بأن يأتوا ويجدوا تقييماً حقيقياً. ليس شرطاً أن يجدوا ما يجدونه من وضع مادي خارج السودان، ولكن على الأقل أن يجدوا تقييماً وجدية في الاستفادة من خبرتهم لبناء المستقبل..

هذه ليست أحلام (زلوط) بل هي أفكار ممكنة التحقيق لتصحيح المغلوط.

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي