ايقاف (السوداني) عن الصدور .. الوجه الآخر
للمرة الثانية في فترة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، قررت لجنة الشكاوى بالمجلس القومي للصحافة والمطبوعات، إيقاف صحيفة (السوداني) لمدة يومين.
في المرة الأولى كان الإيقاف متعلقاً بسبب غريب ومثير للدهشة، وهو نشر الصحيفة حواراً مع لواء شرطة، كان ممسكاً بملف التحري في قضية شهيرة، وذكرت اللجنة في دواعي الإيقاف أسباب أوهن من بيت العنكبوت.
وفي هذه المرة، كان سبب الإيقاف تحقيقاً في صفحة المنوعات عن قضية متعلقة بالثقافة الجنسية، وردت فيه إفادات علمية ودينية وتجارب أفراد، وهو من نوع المواضيع التي أثيرت من قبل في العديد من الصحف، وفي الفضائيات السودانية وإذاعات الإف إم.
مواضيع الثقافة الجنسية أصبحت من الضروريات في الحياة المعاصرة، نسبة لظهور كثير من الإشكالات الجنسية في المجتمع، المترتبة على ثورة الاتصالات والمعلومات، حيث يستطيع أي شاب قليل التجربة أن يتلقى معلومات غير صحيحة من مصادر مشبوهة في الشبكة العنكوتية.
الآن هناك جهات تربوية ودينية، ترى ضرورة إدخال الثقافة الجنسية ضمن مناهج التعليم، لتوفير المعلومات عبر مصادر وقنوات مؤهلة لذلك، إذ إن ضعف الثقافة الجنسية تترتب عليه كثير من الأزمات الاجتماعية والصحية، فوباء الإيدز مثلاً الذي تسارعت أرقام تزايده في السودان، لن تستطيع أي جهة التعامل معه دون مناهج وخطط للتثقيف الجنسي، كذلك قضية الختان وغيرها.
دور أصيل للإعلام، أن يقوم بتزويد الأفراد بالمعلومات الصحيحة عن حقيقة الحياة الجنسية والنشاط الجنسي دون حرج، وبطريقة علمية خالية من الابتذال وتصحيح المدركات الخاطئة المرتبطة بالجنس.
الشباب الآن يتحصلون على معلومات مغلوطة من مصادر غير موثوقة، كالأصدقاء ومواقع الإنترنت ونحو ذلك، إضافة إلى الانحرافات الجنسية العديدة والتي قد يكون منشأها نفسياً في الغالب.
في الإسلام توجد مادة كثيفة في القرآن والسنة عن الثقافة الجنسية في مختلف أوجهها ولمختلف الأعمار دون حرج في السؤال أو تلعثم في الإجابة.
ومن الأمثلة الجلية في الحديث عن دقائق الحياة الجنسية ما ورد عن الفاروق عمر بن الخطاب عندما سمع امرأة تتمنى لقاء زوجها فلم ينهَ عن ذلك، بل أرسل إلى زوجها وهو في الجهاد، بعد أن ذهب إلى أم المؤمنين حفصة بنت عمر، وسألها: كم تستطيع المرأة فراق زوجها لشهر، أم شهرين، أم ثلاثة؟ فأومأت بأن في الرابع يفيض صبرها.. فأمر أمير المؤمنين عمر بأن لا يغيب الرجل عن زوجته إلا ثلاثة أشهر حتى لو كان في الجهاد.
ماذا جنت (السوداني) حينما أجرت تحقيقاً مهنياً متكاملاً عن المشكلات الاجتماعية والصحية المرتبطة بغشاء البكارة، وبزيارة لمدة ساعتين لدار الوثائق وتقليب الصحف سيجد الزائر عشرات التحقيقات ذات الصلة بالموضوع، تم نشرها دون أن يقتضي ذلك عقوبة الإيقاف.
المشكلة يا سادتي أن لجنة الشكاوى أصبحت تتعامل مع (السوداني) بصورة فيها قدر كبير من التحامل والتعسف، يقارب الوصول إلى حد الانتقام، مع احترامنا وتقديرنا الكبيرين للأستاذين الفاضلين علي شمو والعبيد مروح المشرفين على عمل المجلس.
السبب في حنق بعض أعضاء لجنة الشكاوى على (السوداني) أننا وجهنا لها انتقادات وملاحظات متعلقة بأدائها، الذي يعتبر في تقديرنا الأسوأ في تاريخ المجلس منذ إنشائه، وذلك في مقال رئيس التحرير (أحسنوا الذبح)، وأوردنا بالوثائق الدامغة أخطاءً مخجلة في تعاملاتها الكتابية، وشكَّكنا في كفاءة مستشارها القانوني الأستاذ محمود مهدي أحمد.
ستتوقف (السوداني) يومي الجمعة والسبت عن قرائها الأعزاء، لتعود مرة أخرى بإذن الله بمهنيَّتها وصدقها وتفانيها، من أجل تقديم خدمة متميزة لقارئ واعٍ ومستنير، لم يضن عليها في يوم بالجنيهين رغم صعوبة الظرف وعنت لقمة العيش.
وكل عام والجميع بخير وعلي خير.
[/JUSTIFY]
صحيفة السوداني