عبد الجليل سليمان

ألف صحفي سيهاجرون


[JUSTIFY]
ألف صحفي سيهاجرون

كشف جهاز شؤون السودانيين العاملين بالخارج أن الذين هاجروا بموجب عقد عمل منذ بداية العام الجاري وإلى الآن بلغوا (35) ألف شخص، بينهم ألف طبيب وألف أستاذ جامعي. وقال الأمين العام للجهاز (حاج ماجد سوار) إن عدد الذين وفقوا أوضاعهم من السودانيين المُغتربين إلى العربية السعودية بلغ (مليون سوداني).
تلك هي الأرقام الرسمية التي تخص (مُغْترباً واحداً) هو العربية السعودية التي يقيم بها بشكل قانوني حوالي (مليون) سوداني، فكم من السودانيين يقيمون بشكل قانوني أو مخالف للقوانين في بقية جهات الاغتراب.
السوداني لا يترك وطنه إلا على مضض، لا يفضل الهجرة إلاّ لأسباب قوية وموضوعية، وتحت ظروف قاهرة، لذلك عندما نجده مُبعثراً (في الأربع قِبل أزرق طويل الباع)، نكتب ما يُشبه المناحات ونبكيه بدموع غزيرة، ولأن البكاء لا يشفع ولا ينفع إلا بمقدار (الشفاء من الجوى بين الجوانح)، فإننا نحاول الإشارة إلى سبب هذه الهجرة الكثيفة التي تحدث عنها باحات السفارتين الليبية والسعودية قبل أن تُحدث عنها تقارير جهاز (حاج ماجد سوار).
السبب يمكن تلخيصه في كلمة واحدة هي (التردي)، لكنها تبدو كـ (سلة/ باقة/ أو حزمة) تحمل في داخلها أسباباً كثيرة متجاورة ومتراصة ومتربطة ببعضها ارتباطاً جذرياً وجوهرياً، فالتردي طغى واستكبر وتجبر وسيطر وأحكم قبضته على البلاد والعباد، تردٍّ في كل المجالات الحيوية، في الصحة فيهاجر (الأطباء)، في الزراعة فيهرب (المزارعون)، في التعليم فيفر (المعلمون)، في التجارة فيغادر (المستثمرون).
وها نحن هنا، يبلغ بنا سيل التردي (الصحفي) زباه، ننظر حولنا فنجده يحاصرنا من كل ناحية، يحاصرنا حد محاولة الإجهاز علينا، قبض أرواحنا، حد أن احتجاجاتنا الأبدية على الرقابة المفروضة علينا أصبحت حلماً نشتاق إليه بعد أن أصبحت حيواتنا في خطر وشيك.
وها هي الكوادر الصحفية النوعية التي تتوفر على مهارات وخبرات عالية تبتدر هجرتها وتيمم شطر الخليج وكل الجهات المتاحة، ففى ظل أوضاع قاتمة وسوداوية، وفي ظل انعدام (ظل من الحرية) ولو شحيح، ظل ذي ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب، أبشركم بموجة هجرة عظيمة وسط الصحفيين بدأت ملامحها تتشكل رويداً رويداً.
علة جهاز شؤون السودانيين العاملين بالخارج، أن يضمن تقريره نهاية العام الجاري أنه (ألف صحفي) بجانب الأطباء والأساتذة الجامعيين قد غادروا البلاد، وأن الأعداد مرشحة للزيادة باضطراد.

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي