جعفر عباس

كتالوج الانجازات


[JUSTIFY]
كتالوج الانجازات

الحمد لله الذي مد أيامي، فاستبدلت وسيلة المواصلات الحميرية بالشاحنات، ثم القطار ثم الحافلات ثم الطائرات، وكنت ضمن أقلية في الخرطوم استخدمت المصعد الكهربائي (الأسانسير) للمرة الأولى داخل السودان، وكان ذلك عندما صارت «عمارة أبو العلا»، مقر عملي عندما اصبحت عميلا لبريطانيا بمسمى ضابط إعلام/ مترجم، ثم استخدمت السلم الكهربائي (إسكاليتر)، بل من فرط ثقتي بنفسي صرت لا أكتفي بأن يتحرك بي السلم بل أتحرك أنا صعودا وهبوطا وأنا استخدمه، فتحسبني رئيس مجلس إدارة البنك الدولي وعلى عجلة من أمري للحاق باجتماع المجلس، ثم سافرت من ونزلت في مطارات، بها سيور كهربائية توصلك من باب الطائرة إلى صالة الجوازات، وأنت ثابت أو متكئ على حقيبة يدك، وأكلت الدو- نط، وكنت من قبل أحسب أن اللقيمات هي أطيب المعجنات، وذقت معظم أصناف الآيسكريم العالمية، ولكن ما زال في فمي طعم الدندرمة التي كنا نشتريها من عربات يد مكعكعة تطوف في الشوارع، وصرت أمتلك ساعات يد قادرة على المشي، وكانت أول ساعة امتلكتها بعقرب واحد بلا أرجل وبالتالي لم يكن ذلك العقرب يمشي، وأجلس الآن ونسمة من الهواء المعلب ترتطم بكل جزء من جسمي، ومن باب «الافتراء» قمت قبل البدء في كتابة الكلمات الأربع الأولى من هذه الجملة بإيقافه باستخدام الريموت كونترول، ليس لأنني لم أعد احتمل برودة الهواء الصادر عن «المكيف، بل فقط للاستمتاع باستخدام الريموت كونترول، هذه الأداة العجيبة التي أراحتنا من صيحات: يا ولد ارفع صوت التلفزيون.. غير القناة.. اقفل الزفت دا، ومع كل صيحة، لابد من التحرك و«بَرْم» مفتاح ما في التلفزيون يمينا أو يسارا، أما اليوم فتظهر نانسي عجرم وهي تحسب أنها ستلعب بأعصابي وغرائزي، بحركة تحرشية فأطخها بالريموت، بالضغط العشوائي على أزراره، وقد أجد نفسي وجها لوجه أمام فاروق الفيشاوي، فـ«أفش» غيظي وغلِّي فيه بقطع الارسال نهائيا اي بإغلاق التلفزيون نفسه وهذا ما يسمى بسد الذرائع وإغلاق الباب الذي يجيب الريح والريح كما نعلم من نواقض الوضوء.
وتعلمت الأكل بالشوكة والسكين مكرها لا بطلا، فما لم تلامس يدي الطعام مباشرة بدون وساطة، أحس كأنني أتغذى بـ«دريب» في مستشفى، وعندي هواتف جوالة موتورولا وسوني وإل جي و«دي دي تي» ونوكيا، وجميعها بصحة جيدة، ومحفوظة في مكان أمين، حتى يتمكن أحفاد ورثتي من بيعها بالشيء الفلاني كآثار تاريخية بعد نحو نصف قرن، ثم دخلت القرن الواحد والعشرين قبل جيل الشباب بامتلاك آيفون من نفس الموديل الذي عند الرئيس الأمريكي باراك أوباما وبائعة اللبن في مخيم في دارفور… يحيا العدل.. عشنا وشفنا أفقر الفقراء يتساوون مع من يحسبون أنفسهم سادة العالم ولو في ناحية صغيرة ومحدودة جدا.. هذه هي الديمقراطية التي أتاحتها وسائل الاتصال الالكتروني، فصار موقع ويكيليكس يخبرنا عن الحماقات والمؤامرات التي تحيكها واشنطن وأخواتها، وفضح إدوارد سندون عرض واشنطن وأثبت أنها «ما عندها صاحب» وتتجسس حتى على حلفائها مثل ألمانيا وفرنسا، وبما أنني عضو في القاعدة (القاعدة الشعبية في العالم العربي الأفريقي) فليس مستبعدا أن يكون مقالي هذا (لأنني استخدمت كلمة «القاعدة»)، قد وضعني تحت المراقبة، ولهذا أنصحكم إخوتي بعدم استخدام جمل مثل: أنا متمسك بالقاعدة الأساسية للمسألة/ القاعدة النحوية تقول كذا وكذا.. بل وفي ظل التطورات الحادثة في العراق وسوريا بسبب حمق وبله الحاكمين فيها فإنني أنصحك بعدم قول كلام مثل «نفسي في دُش»، لأن الأمريكان سيتهمونك بالتعاطف مع داعش أخذا في الاعتبار أنهم لا يقدرون على نطق حرف العين ويسقطونه عند التحدث عن هذا التنظيم.

[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]