جمال علي حسن

فساد بناء الطرق.. من يسكت مدان


[JUSTIFY]
فساد بناء الطرق.. من يسكت مدان

أهم الملاحظات حول آثار الأمطار الغزيرة التي أربكت حال الخرطوم وبعض مدن ولايات السودان مساء الجمعة، أنها تؤكد وجود فساد كبير جداً في معظم الأعمال الهندسية الخاصة ببناء وتشييد الطرق الداخلية في الخرطوم والطرق القومية السريعة الرابطة بين المدن والولايات.
هو فساد وليس شيئاً آخر.. فساد من المنفذ وفساد من المستلم وفساد من كل الدائرة المرتبطة ببناء الطرق والأنفاق في ولاية الخرطوم، تتحمل جميعها المسؤولية بدءاً من الوالي ومروراً بالوزير وحتى آخر موظف يرتبط بحلقات التنفيذ والاستلام.
(فساد راسو عديل) ويحكي لي أحد أصدقائي مهندس يقول إن معظم زملائه المهندسين الذين هاجروا أو الآخرين العاملين في شركات بناء الطرق والكباري في السودان تتركز مشاكلهم مع رؤسائهم حول المواصفات والمقادير المطلوبة للتنفيذ، يقول لي إن معظم المشرفين يحتد النقاش بينهم وبين المهندسين حول كميات المواد التي يطلبها المهندس للتنفيذ، ويطلب المشرف من المهندس أن ينسى ما يقرأه في كتب الجامعة باعتبار أن واقع العمل على الموقع له لغة أخرى وطريقة أخرى، ثم يعطيه نصف أو ثلث ما يطلبه من مقادير في مواد الإنشاء.
هذه ليست (ونسة)، بل حقيقة تؤكدها وتدلل عليها الوقائع والشواهد والنتائج الماثلة أمامنا..
حين تتحول الطرق المسفلتة في أحياء ولاية الخرطوم إلى مجارٍ مائية أسفلتية واسعة ممتدة وممتلئة بمياه الأمطار، فإن هذا يعني أن هناك فساداً قد حدث في بناء هذا الطريق واستلامه بمواصفات أقل من المواصفات المطلوبة، وهي سرقة للمال العام.. نعم سرقة..
وحين يغرق جسر السوق المركزي بالخرطوم أمس في مياه الأمطار، هذا الجسر الذي شيدته ولاية الخرطوم قبل ثلاث سنوات فقط بتكلفة تزيد عن ١٢ مليارا، فإن هذا يعني أن هناك فساداً قد حدث في عملية تسليم واستلام الولاية لهذا الجسر من المقاول المنفذ بلا مواصفات أو مؤهلات، فالفساد هنا إما أن المقاول المنفذ أفسد وتعمد أن يبني الجسر بمواصفات ضعيفة، وإما أن يكون هذا المقاول غير مؤهل فنياً وهندسياً لتنفيذ هذا الجسر. وفي الحالتين، فإن مصدر الفساد هو الجهة الرسمية المسؤولة عن تنفيذ هذا الجسر بولاية الخرطوم، ويطال الفساد والي الخرطوم شخصياً لو سكت عن الأمر ولم يقم بتوجيه الجهات القانونية بإجراء تحقيقات حول كل الطرق والجسور التي تم تنفيذها في عهده واتضح عدم مطابقتها للمواصفات..
نريد أن نعرف أين تذهب أموالنا.. وكيف يتم منح هذا وذاك عطاءات خاصة؟ وأن المعلومات المؤسفة التي بطرفنا تقول إن هناك أشقاء مسؤولين كبار جداً في ولاية الخرطوم تتسلم شركاتهم عطاءات خدمية.. (نعم كبار جداً).. حسبنا الله ونعم الوكيل..
نطلب من سلطات ولاية الخرطوم أن تفسر لنا غرق شارع النيل وجسر السوق المركزي وعددا كبيرا جداً من الطرق القديمة والجديدة بولاية الخرطوم أول أمس.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين

[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي