جمال علي حسن

جولة البشير.. الرسالة بليغة


[JUSTIFY]
جولة البشير.. الرسالة بليغة

جولة البشير المفاجئة أول أمس بمنطقة شرق النيل والمناطق المتأثرة بالأمطار والسيول في “العيلفون” و”أم ضوا بان” ووقوفه على سير العمل في الكوبري الرابط بين هاتين المنطقتين..
هذه الجولة ليست زيارة عابرة أو مجرد كسر للروتين في ترتيب الزيارات، بل هي في تقديري زيارة استكشافية مهمة وخطيرة في نفس الوقت، وتعني أن البشير لم يعد يكتفي بالتقارير المكتبية إن لم نقل إنها لم تعد تمثل له الصورة الدقيقة للواقع الحقيقي لعمل المسؤولين خاصة في ولاية الخرطوم.
جولة البشير لا يفسرها إلا بيت الشعر العربي الفصيح والبليغ:
خذ ما تراه ودع شيئاً سمعت به
في طلعة البدر ما يغنيك عن زحل
وطلعة البدر لا تصطنع ولا تختلق من العدم ولا تحتاج لأن يحدثك عنها أحد في حضورك، أما كوكب زحل فهو الذي تحكي عنه الكتب، و(زحل) ولاية الخرطوم تحكي عنه تقارير المسؤولين وتصنع مجسماته أخبار العلاقات العامة وتزين عالمه لجان ترتيب الاحتفالات والزيارات المعدة مسبقاً، لكن الواقع يقول غير ذلك..
الواقع يقول إن الكثير من التقارير الرسمية إن لم تكذب فإنها تتجمل، ويقول إن التقارير ظلت ترسم تلك الصورة الزاهية الباهية الناضرة الواعدة الناجحة المنجزة المتفوقة الدقيقة العلمية النزيهة العادلة الحكيمة والسالمة والسليمة..
أما الواقع فهو الوجه الحقيقي البائس الناقص المرتبك الضعيف التماسك والقليل الدسم والمواصفات، الغارق في طين الفشل..
الجسر الرابط بين المنطقتين سيكتمل، والرئيس يعرف أن الجسر سيكتمل في كل الحالات، لكنه وبعينه الثاقبة ونظرته الخاصة والمباشرة أراد أن يتعرف ربما على المُوارب والخفي في مراحل البناء والتشييد..
البشير لم يخطر أحداً من المسؤولين بزيارته، ولم يصطحب منهم دليلا ًأو مرافقاً يحدثه عن كوكب زحل..!!
ولو حق لنا تحليل الموقف فإنه يحمل رسالة بليغة لجميع المسؤولين داخل أو خارج ولاية الخرطوم.. لكنها رسالة مركزة في جرعتها للمسؤولين في الولاية الغارقة شوارعها والعائمة عنابر مستشفياتها بمياه الأمطار، الولاية العاصمة الكبرى التي جربنا فيها أن نصدق الأغنية ونكذب الخريف، لكننا عدنا لقول الشاعر:
صدقت أغنيتي وكذبت الخريف
وليتني كذبت أغنيتي وصدقت الخريف
شوكة كرامة:
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي