جمال علي حسن

الصحة.. يا روح ما بعدك روح


[JUSTIFY]
الصحة.. يا روح ما بعدك روح

كنت أرجو المواصلة في مقالات الاستنفار الشعبي لشرائح المواطنين المختلفة، للمشاركة في رفع الأضرار الناجمة عن السيول والأمطار، ولنا في هذا الموضوع بقية كلام وعودة إن شاء الله.

ولكن عرضاً توفرت لنا فرصة كريمة أول أمس لزيارة عدد من المرافق الصحية بولاية الخرطوم، بدءا من حوادث قلب المواطن (الموجوع) بمستشفى الشعب ومروراً باستفهامات مستشفى الخرطوم وبعض القضايا التي طرحناها في موضوعنا أول أمس واستفزت بعض الإخوة في وزارة الصحة الذين يعتقدون أننا كنا قد ركزنا على الملاحظات السالبة وأهملنا الجهد المبذول في مجال الصحة من مرافق صحية جديدة وتجديدات وإعادة تأهيل وتجهيز لعدد من المستشفيات والمراكز الصحية في أطراف العاصمة..

والزيارات بطبيعتها توفر للزائر الفرصة الكاملة للتعرف عن قرب على الإنجازات والمناقص على حد سواء، وسأبدأ أولا ًبما شاهدته من مناقص وأوضاع مزرية في عنابر مستشفى بحري القديم، لأن غصتها تأبى أن تفارق الحلق فقد استفزني جداً وجود تلك البناية الشاهقة والمفتخرة داخل مستشفى بحري القديم، والتي تم تشييدها قبل أربع سنوات تقريباً لتكون مجمعا جراحيا ضخما لكن ولأسباب وأخطاء فنية ظلت هذه البناية خالية ومغلقة تنتظر قراراً بفتح أبوابها للخدمة وبالمقابل تجد عنابر (الحريمات) بالمستشفى القديم تئن من بؤسها وسوء بيئتها المتردية..

تلك البناية الجديدة الخالية سيدي والي ولاية الخرطوم تنتظر قراراً جريئاً وسريعاً منكم للاستفادة منها في حل المشكلة الموجودة بتحويلها على الأقل لعنابر تنويم وعيادات تستوعب أقسام النساء والتوليد وغيرها من عنابر التنويم للمرضى لكي يكتمل الجهد الكبير الذي رأيناه في مرافق المستشفى الجديدة ولكي ينسجم وضع التطوير الداخلي الذي تقومون به في مستشفى بحري في مبنى الحوادث الجديدة الشاهق أيضاً وخطط تأهيل الحوادث القديمة وتحويلها إلى حوادث أطفال.

جهد الولاية الذي تمضي مراحله الآن لتطوير مستشفى بحري قد يمثل مخرج إنقاذ لهذا المرفق الصحي التاريخي من التصنيف في قائمة أقدم وأسوأ مستشفى في الدنيا إلى قائمة أحدث المستشفيات الحكومية (الميري) في السودان والتي نرجو أن تحتفظ بصفة المجانية تلك لتعيد الغطاء الخدمي العام لوجه الصحة الذي كان قد تمزَّق.

وكذلك ما تم من تأهيل لحوادث مستشفى الشعب ومستشفى حاج الصافي الذي لم يعد يقل عن المستشفيات الخاصة من ناحية البنية التأسيسية خاصة في موضوع الولادة الذي أصبحت تكاليفه في المستشفيات الخاصة غير محتملة وكذلك مستشفى النو وأحمد قاسم للقلب التي تم تحديثها وتحديث أقسام الأشعة والأجهزة التشخيصية بشكل كبير، ولكن يبقى المحك الفاصل لقطف ثمرة هذا الجهد في تطبيق (السيستم) أو النظام الصحي الجيِّد الذي يضع دائماً الحد الفاصل في مستوى الخدمة الصحية بين العام والخاص.

فكم شهدنا وشاهدنا إنجازات ومرافق صحية يمكن أن تجيب شواهدها عن السؤال الذي طرحناه أول أمس حول شرط الإعداد الجيد لتنفيذ مشروع نقل الخدمات الصحية إلى الأطراف، لكن دقة التمسك بجودة الخدمة تصنع الفارق.

لا أحد يميل للمستشفيات الخاصة ويهوى دفع الملايين المتلتلة للعلاج في حال توفر خدمة صحية موثوقة وآمنة ومنضبطة (بالسيستم) تفي بالمطلوب، لكن عامل الثقة في الخدمات الصحية العامة والحكومية يحتاج لوضع أنظمة صارمة لتحقيق الجودة، تحتاجون لاستعادة ثقة المواطن بالمستشفيات العامة فالصحة هي موضوع حياة أو موت و(يا روح ما بعدك روح).

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي