عبد اللطيف البوني

العصا المدفونة


[ALIGN=CENTER]العصا المدفونة[/ALIGN] في الرابع من مارس 2009 حبسنا انفاسنا في السودان ونحن نتابع قرار المحكمة الجنائية بشأن طلب مدعيها لويس مورينو اوكامبو الخاص بتوقيف الرئيس البشير، فكان القرار وكان ما كان وكان المتوقع ان تعود الينا نفس حالة (الاحتباس) في 5 يونيو 2009 يوم تقديم اوكامبو تقريره لمجلس الامن والذي يقول فيه للمجلس ان الحكومة السودانية لم تتعاون مع المحكمة ولكن الذي حدث ان (الحكاية جاءت باردة جدا) اذا لم يسبقها تهديد او زخم اعلامي، فهذا يدل على ان مياهاً كثيرة قد مرت تحت الجسر في الأشهر الستة التي اعقبت قرار المحكمة وسبقت جلسة الجمعة الاخيرة لمجلس الامن.
الامر المعلوم ان مجلس الامن هو ساحة المعركة الاساسية والنهائية لقضية الجنائية وهو (سيد الجلد والراس)او فهو الذي احال القضية للمحكمة بموجب القرار 1593 وهو الذي يمكن ان يؤجل او يعجل اويلغي القرار لذلك يحق لنا ان (نستغرب) الفتور الذي ران على جلسة يوم الجمعة ويكفى ان كل اجهزة الاعلام العالمية التي خدمت قرار المحكمة في الرابع من مارس بصورة فاقت خطاب اوباما للعالم الاسلامي في جامعة القاهرة نفس هذه الاجهزة تجاهلت خبر جلسة مجلس الامن او اوردته في مؤخرة نشراتها علما بأن جلسة مجلس الامن كانت التطور الاكبر في مجريات قرار المحكمة.
يبدو ان موقف الجبهة الداخلية السودانية الحماسي مع الهدوء الدبلوماسي وموقف دول الجوار وموقف المنظمات الاقليمية من اتحاد افريقي وجامعة عربية ومؤتمر اسلامي وكتلة عدم انحياز وسوء اداء اكامبو الذي بدأ بالتهديد بعدم سفر البشير وسفوره السياسي وتطور العلاقات الامريكية السودانية مع متغيرات اوباما والاوضاع داخل دارفور كل هذه الاشياء مجتمعة ادت الى توازن داخل مجلس الامن الامر الذي فرض (تهدئة اللعب).
من ناحية اجرائية بحتة يظهر التوازن في ان الدول الغربية رفضت استخدام المادة «16» من ميثاق روما والذي يقول بامكانية تأجيل النظر في القضية لمدة عام اما الخطوة التالية والتي يفترض ان تكون استخدام المادة «42» من ميثاق الامم المتحدة وهو فرض عقوبات اقتصادية على السودان قد ظهر رفض لها من الصين وروسيا قد يقول قائل انهما لم تتعرضا لضغوط امريكية وهذا صحيح ولكن حتى ولو وافقتا على العقوبات الاقتصادية فلن توافقا على المادة «43» والتي تدعو للتدخل العسكري المباشر، فالحكاية اذن( انت رفضت 16 انا برفض 42 ولكن حتى ولو وافقت على 42 فلن اوافق على 43) والمرجح ان امريكا (ذات نفسيها) ليست متحمسة لـ «43».
مندوب كوستاريكا وهو من (المكجنين) للسودان قال ان هناك روحا عامة في المجلس تدعو الى اعطاء جهود السلام فرصة حتى الدول الغربية المحت الى انه يمكن اعمال المادة «16» اذا تعاونت الحكومة السودانية وقدمت للمحاكمة آخرين دون البشير لا بل حتى اوكامبو (ذات نفسه) المح في تقريره الى اماكنية مشاركة السودان في العملية القضائية. اذاً ياجماعة الخير يمكن ان نقول ان رياحا بدأت تهب في اشرعة السودان ولكن ستظل العصا مدفونة للسودان او مخفية في الدولاب، فعليكم بدارفور والجبهة الداخلية عامة والدوحة (نفر) وسيد غرايشن الذي في جيبه الكثير من المفاتيح.

صحيفة الرأي العام – حاطب ليل
العدد(22691) بتاريخ7/6/2009)
aalbony@yahoo.com