عبد اللطيف البوني

الوجه الآخر للمطر


[JUSTIFY]
الوجه الآخر للمطر

إن السودان هبة مباشرة من هبات الامطار النازلة فيه وتلك التي تنزل في بلاد مجاورة ثم تاتيه في شكل انهار وخيران ولعل هذه حقيقة بديهية لا تحتاج الى درس عصر. القطاع المطري في السودان يشكل اكثر من 60 % من سكان السودان ومن ثرواته الزراعية بشقيها النباتي الحيواني فاذا قل معدل نزول الامطار في هذا القطاع فان هذا يعني مشروع مجاعة عديل كده وهذا لا يحتاج فهمه لدرس عصر هو الآخر فالمجاعات ليست شيئاً من الماضي بل نعرفها مثل جوع بطنا.
ليس القطاع المطري وحده هو الذي يعتمد على المطر النازل عليه مباشرة بل القطاع المروي اشد حاجة للمطر المباشر من القطاع المطري ففي القطاع المطري اذا لم ينزل المطر فسوف لن يرمي الزارعون الحب اي لا يبذروا التقاوي واذا زرعوا وانقطع المطر سوف يتعوضون الله في اثمان التقاوي ولكن في القطاع المروي اذا انقطع المطر فان المياه الواردة من القنوات لن تروي الزرع وسوف يموت ويكون المزارع قد خسر اتعاب تحضير الارض وصيانة القنوات واثمان الاسمدة والمبيدات بالاضافة لثمن التقاوي.
مشروع الجزيرة الذي يعتبر اكبر مشروع للري الصناعي في العالم عندما انشأه الانجليز اعتبروا الامطار النازلة هي الاصل اما القادم من الخزان مجرد ري تكميلي وعندما حلت الفوضى في المشروع وتم التوسع في المساحة المزروعة والتكثيف بدون دراسة اصبحت مشكلة الري في الجزيرة مشكلة دائمة لا يقلل من وقعها الا المطر النازل مباشرة.
ففي الايام القليلة الماضية ومع بداية الموسم الحالي 2014 حدث اختناق رهيب في مياه الري في الجزيرة لدرجة ان كثيرا من التقاوي قد نفدت لما لم تجد الماء بعد بذرها وقد ظهر الفأر بكثافة نسميه الباحت واخذ نصيبه منها فبمجرد ان بدأت الامطار تهطل في جنوب الجزيرة؛ تحولت مياه الخزان الى شمالها فانفك الاختناق وبالنسبة للزرع النامي فان المطر يقتل فيه الدودة العسلة ويغسله من الآفات فيزدهر ويسر الناظرين . المطر عندما يملأ الشقوق ويغوص في الارض يقتل الكثير من الآفات التي تهدد المحصول بالاضافة الى انه سوف يزيد المياه الجوفية رصيد السودان الحقيقي
لن نستطيع مهما أوتينا من مساحة وزمن ان نحيط بمدى نعمة الامطار وسوف تكتمل هذه النعمة عندما يتدخل الانسان بشيء من التقنيات للسيطرة على هذه الامطار وزيادة معدل الفائدة منها وتجنب مضارها ولعل هذا الذي يحدث في الدول المتقدمة التي برعت في تقنيات مياه الامطار ولعل هذا هو السبب الذي جعلها متقدمة على غيرها ونحن في السودان بالطبع لسنا من هذه الدول فنحن وما شاء الله علينا نبكي من عدم الامطار ونبكي من نزولها لقلة حيلتنا ورقة حالنا.
فبالامس تعرضنا لما فعلته الامطار بالعاصمة فقد اصبحت نقمة وخطورة اثر الامطار في العاصمة على بقية البلاد هو ان الحكومة التي مقرها العاصمة تبذل الغالي والنفيس في سبيل تخفيف آثار الامطار على اهل العاصمة فوقتها وما لديها من شوية مدخرات سوف ينفق في العاصمة وبالتالي تصبح الامطار الغزيرة التي عمت بقية اجزاء البلاد عبارة عن ضيف قليل الاقامة من السماء الى الخيران والاودية ثم الى النهر ترحم بعض الاجزاء وتدمر بعضها لاحصاد مياه ولاحفائر ولاتحسين مسارات وتبكي يابلدي الحبيب من المطر هنا وهناك.

[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]